المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

166

أقول: إنّ هذا الكلام وإن كان لا يخلو من وجاهة إلاّ أنّه لا يأتي في النسيان، فلئن كان مثل الاضطرار يتعلّق بفعل المكلّف دون شيء آخر، فالنسيان يتعلّق بالفعل وبغير الفعل، فإذا نسي الملاقاة للنجاسة فقد أصبح موضوع الحكم منسيّاً، ومع ذلك لا يحكم بعدم النجاسة. ولا يمكن التمسّك بوحدة السياق؛ لأنّنا قلنا: إنّ وحدة السياق لا ترتبط بباب التطبيق، وهذا بابه باب التطبيق، فالاضطرار لا ينطبق إلاّ على الفعل، والنسيان ينطبق على غيره أيضاً، نظير أنّ (ما لا يعلمون) كان ينطبق على الحكم الذي هو فعل المولى وغيره لم يكن كذلك.

والصحيح مع هذا: أنّ خروج مثل ذلك يكون بالتخصّص لا بالتخصيص، والوجه في ذلك هو أنّ مقتضى مناسبات الحكم والموضوع والارتكاز العرفيّ، هو أنّ الاضطرار والنسيان ونحوهما من العناوين إنّما تصلح لرفع الأثر الذي يترتّب على ما يسند إلى الشخص، حيث إنّ هذه العناوين تجعل إسناد الشيء إلى الشخص وانتسابه إليه ضعيفاً في نظر العرف، والنجاسة لا تترتّب على الملاقاة باعتبار الإسناد إلى الشخص، بل على ذات الملاقاة ولو من دون توسط فعل الشخص، كأن يقع الثوب على النجاسة بواسطة تحريك الهواء له، فما يكون من هذا القبيل لا يرفع بحديث الرفع.

 

تطبيق الحديث على أقسام الحكم:

الجهة السابعة: في تطبيق حديث الرفع على أقسام الحكم، أعني: التكليفيّ الاستقلاليّ، والتكليفيّ الضمنيّ، والوضعيّ على ضوء النكات الماضية فنقول:

تشترط في إمكان التمسّك بحديث الرفع ـ على ضوء ما مضى ـ اُمور ثلاثة:

1 ـ كون الشيء معروضاً للحكم في عالم التشريع، بأن يكون موضوعاً أو متعلّقاً له.