المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

169

للترابط بين الوجوبات الضمنيّة. وعندئذ إن تعلّق الأمر بالباقي صحّ، وإلاّ فلا، وحديث الرفع حياديّ من هذه الناحية.

ولا يقاس الحديث بدليل تخصيص الجزئيّة، كأن يقول مثلاً: المستعجل لا يقرأ السورة؛ إذ ذلك ناظر إلى مسألة الجزئيّة، فالأمر بالباقي يثبت بنفس الدليل السابق، وحديث الرفع لا ينظر إلى الجزئيّة، وإنّما ينظر إلى الوجود التشريعيّ لموضوع الحكم فيرفعه، والحكم الذي تكون السورة موضوعاً له هو الوجوب الضمنيّ لا الجزئيّة، وإنّما الجزئيّة من منتزعات عالم التشريع، وغاية ما يمكن أن يقال في تصحيح الباقي أو النتيجة المطلوبة من ذلك وجهان:

الوجه الأوّل: ما مضى من فرض كون مفاد الحديث الرفع التنزيليّ للوجود الخارجيّ بضمّ دعوى أنّ العرف يرى رفع العدم مساوقاً للوجود، فيحصل وجود تنزيليّ للسورة المتروكة، وقد عرفت بطلان المبنى.

الوجه الثاني: ما يثبت بحسب الحقيقة نتيجة الصحّة لا نفسها، وذلك في فرض الاستيعاب، وهو أن يقال: إنّ المقصود من إثبات الصحّة رفع وجوب القضاء، ونحن نثبت هذه النتيجة بإجراء حديث الرفع في موضوع هذا الوجوب، فإنّ موضوع وجوب القضاء هو ترك الفريضة الكاملة، وقد تحقّق ذلك عن اضطرار فلا يجب القضاء.

وتحقيق الحال في ذلك: هو أنّه لابدّ أن يرى ما هو الموضوع لوجوب القضاء، هل هو الترك،أو عدم الإتيان، أو الفوت؟ وهي اُمور ثلاثة بعضها غير بعض. فالأوّل هو الترك بنحو العدم النعتيّ، والثاني يكون بنحو العدم المحمولي، والثالث عنوان ثبوتيّ منتزع من الأمر العدميّ. فعلى الأوّل يصحّ التمسّك بحديث الرفع، وعلى الأخيرين لا يصحّ؛ لانتفاء الشرط الثالث، وهو كون الأثر مترتّباً على الشيء باعتبار جهة انتسابه إلى المكلّف.