المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

170

القسم الثالث: هو الحكم الوضعيّ.

فإن ترتّب الأثر الوضعيّ على الشيء في نفسه، كالنجاسة المترتّبة على الملاقاة بقطع النظر عن جهة الانتساب إلى الشخص، فلا يجري حديث الرفع؛ لفقد الشرط الثالث. وإن ترتّب الأثر بالنظر إلى جهة الانتساب، كما في المعاملات جرى حديث الرفع مع ملاحظة الشرطين الآخرين.

وقد ينفقد أحد الشرطين الآخرين فلا يجري حديث الرفع، ولذا لا نقول بالرفع في الاضطرار إلى المعاملة؛ لفقد الشرط الثاني بخلاف الإكراه عليها، وأيضاً لا نقول بالرفع في الإكراه على ترك المعاملة، أو أن يجعلها بشكل فاسد، كإجراء الصيغة بالفارسيّة بناءً على اشتراط العربيّة وإن كان هناك امتنان في تحقّق نتيجة المعاملة الصحيحة، وذلك لاختلال الشرط الأوّل؛ إذ المعاملة الفاسدة أو ترك المعاملة ليس موضوعاً لحكم.

وهنا شبهة، وهي: أنّ ترك المعاملة الصحيحة موضوع لبقاء الملك، فإنّ بقاءه مشروط بعدم إيقاع المعاملة الصحيحة، فلم لايصحّ إجراء حديث الرفع لنفي بقاء الملكيّة بلسان رفع الوجود التشريعيّ لموضوع ذلك؟ فإن لم تتصوّر منّة في نفي هذه الملكيّة نقلنا الكلام إلى نتيجة المعاملة المقصودة للمتعاملين وقلنا: إنّ عدم هذه المعاملة موضوع لعدم تحقّق تلك النتيجة، ورفع هذا العدم وإثبات تلك النتيجة موافق للامتنان.

والاستشكال في ذلك بأنّ عدم تلك النتيجة ليس حكماً شرعيّاً وإنّما هو عدم لحكم شرعيّ، يمكن دفعه بأنّ هذا يشبه ما مضى من ترك الواجب، وقد قلنا هناك: إنّ ترك الواجب وإن لم يكن موضوعاً لحكم شرعيّ بناءً على أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه العامّ، لكنّ المقصود من عالم التشريع عالم حساب المولى بمعنىً يشمل هذا المورد، ويمكن أن يقال بمثل ذلك فيما نحن فيه.