المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

216


وللمحقّق العراقيّ(رحمه الله) وجهان آخران لحلّ الإشكال:

أحدهما: ما جاء في المقالات، ج 2، ص 60، حيث فرض فيه أنّ الحجب هنا وإن كان بمعنى عدم صدور البيان ولكن المقصود بالوضع ليس هو وضع الخطاب المحجوب بمعنى السكوت عنه، فإنّ السكوت عنه هو المفروض في موضوع هذا الحديث، فالمقصود بالوضع إنّما هو وضع إيجاب الاحتياط، وهذا هو معنى البراءة، والإشكال في المقام يكون عبارة عن أنّ هذه البراءة إنّما تثبت في مورد عدم صدور البيان، ولا يشمل النصّ فرض عدم وصول البيان إلينا مع صدوره في الواقع، ويكون حلّ الإشكال هو التمسّك بعدم القول بالفصل.

أقول: يرد عليه: أنّ ما لم يصدر أصلاً من المولى لا يحكم العقل بوجوب امتثاله حتّى مع العلم به صدفة، وهذا غير البراءة التي هي محلّ الكلام، ولا معنى لدعوى عدم الفصل في وجوب الاحتياط وعدمه بين مورد لم يكن يجب الامتثال حتّى مع العلم بالملاك لعدم صدور الخطاب، ومورد يحتمل صدور الخطاب وبيانه رغم عدم وصوله صدفة إلينا.

وثانيهما: ما جاء في نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، حيث اعترف فيه بالقطع بعدم فعليّة حكم لم يوحَ به إلى الرسول(صلى الله عليه وآله)، وأنّ مجرّد الأحكام الإنشائيّة البحتة لا يجب امتثالها، ولكنّه ذكر أنّ الحكم لو اُوحي إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)ولكنّ النبيّ لم يبلّغه إمّا لأنّه لم يكن مأموراً بالإبلاغ، أو لاقتضاء بعض المصالح الإخفاء، فهذا الحكم فعليّ بلا إشكال، فإنّ الذي ينافي فعليّة الإرادة إنّما هي نفي الفعليّة المطلقة لا الفعليّة ولو من جهة الخطاب. وحديث الحجب يشمل هذا النوع من عدم البيان؛ لأنّه مستند إلى الله ـ تعالى ـ الذي لم يأمر نبيّه بالإبلاغ، ويكون الإشكال عندئذ منحصراً في عدم شمول الحديث لمورد تمّ