المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

217

ذكر: أنّ الحديث مختصّ بالشبهات الحكميّة بدعوى أنّ الحجب المضاف إلى الله تعالى ظاهر ـ بمناسبة الحكم والموضوع ـ في الحجب في مقام بيان الأحكام لا الحجب من حيث الاُمور الخارجيّة، فيختصّ بالشبهات التي يترقّب فيها صدور البيان من قِبله ـ تعالى ـ وهي خصوص الشبهات الحكميّة(1).

وهذا الكلام منه(قدس سره) خلف وتهافت؛ إذ لو فرضنا أنّ الحجب اُضيف إليه ـ تعالى ـ بما هو سيّد الكون فعمّمنا الحديث لفرض اختفاء الحكم بواسطة الأسباب الطبيعيّة فلا معنى لإخراج الحجب من حيث الاُمور الخارجيّة عن الحديث، بدعوى أنّ البيان عن هذا الطريق لا يترقّب منه تعالى؛ إذ ذلك مترقّب منه بما هو سيّد الكون وعدمه حجب يسند إليه بما هو مدبّر العالم وخالقه، ولو فرضنا أنّه اُضيف إليه بما هو مولىً، فهو خلف أصل مبنى الاستدلال بهذا الحديث.

والتحقيق: أنّه وإن كان هذا الوجه الرابع لا يبعد تماميّته كجواب على الإشكال


الوحي وبلّغ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بالحكم ولكنّه لم يصلنا، ويكون علاجه هو التمسّك بمقتضى عدم الفصل.

أقول: يرد عليه: أنّ العقل كما لا يحكم بوجوب امتثال ما لم يصدر المولى ـ تعالى ـ على طبقه خطاباً كذلك لا يحكم بوجوب امتثال ما أوحى إلى نبيّه(صلى الله عليه وآله) ولم يأمره بالتبليغ، وذلك حتّى في فرض القطع بذلك صدفة، وهذا غير البراءة التي نتكلّم عنها، ولا معنى لدعوى عدم الفصل في ذلك، والمقياس في عدم وجوب الامتثال إنّما هو عدم كون الحكم بمستوىً يحرّك المولى ـ سبحانه ـ للتصدّي إلى إيصاله إلى العباد، من دون فرق بين أن يفرض عدم وحيه إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)أو عدم أمره بتبليغ ما اُوحي إليه.

(1) نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 226.