المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

218

بالتقريب الذي بيّنه الأصحاب، ولكنّه ـ رغم هذا ـ لا يتمّ الاستدلال بهذا الحديث على البراءة، والسرّ في ذلك أنّ من المحتمل كون المقصود في الحديث هو تعليق الموضوعيّة عن العباد على الحجب عن العباد من حيث المجموع المساوق لعدم صدور البيان رأساً، لا تعليق الموضوعيّة عن أيّ شخص على الحجب عنه بالخصوص. نعم، لو جاء الحديث بصيغة المفرد كأن يقال: ما حجب الله علمه عن المكلّف فهو موضوع عنه لم يرد هذا الإشكال.

إن قلت: لا إشكال ولا ريب في أنّ مثل قوله: (أكرم العلماء) ظاهر في الانحلال فكيف لا تقولون بالانحلال هنا؟!

قلت: لا ننكر أنّ الحكم على موضوع ظاهر في الانحلال على أفراده، وفي هذا الحديث حكم بالوضع عن العباد، وهذا أيضاً انحلاليّ، فزيد موضوع عنه وعمر موضوع عنه وبكر موضوع عنه.... وهكذا، ولا يتصوّر غير هذا، وإنّما الكلام في أنّ ترتّب الجزاء على الشرط ـ أي: الوضع عن العباد على الحجب عنهم ـ هل هو بنحو مقابلة الجميع بالجميع بمعنى كون الوضع عن كلّ فرد مترتّباً على الحجب عن ذلك الفرد، أو بنحو مقابلة الجميع بالمجموع بمعنى ترتّب الوضع عنهم الذي هو الجزاء على الشرط بمجموعه، وهو الحجب عن كلّ العباد المساوق لعدم صدور البيان؟ ولمّا كان احتمال الثاني موجوداً في المقام فلا محالة يبطل الاستدلال بهذا الحديث.

فإن قلت: أيّ فرق بين هذا الحديث وحديث الرفع، حيث أبديتم هذا الاحتمال هنا ولم تبدوه هناك؟ ولا شكّ بحسب الظهور العرفيّ في أنّ قوله: (رفع ما لا يعلمون) ظاهر في الترتّب بنحو الانحلال، أي: أنّ الرفع عن كلّ شخص مترتّب على عدم علم ذلك الشخص لا على عدم علم الجميع.

قلت: إنّ تعيين كون القيد مأخوذاً بنحو الانحلال، أو بنحو المجموعيّة يرجع