المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

265

بالتكليف، كذلك الأمر فيما نحن فيه، فإنّ الأمر دائر بين الأقلّ وهو احتراق كتاب الهندسة مثلاً، والأكثر وهو احتراق كتاب التأريخ مثلاً معه، وهذا من صغريات دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، ولا إشكال ـ لدى دوران الأمر بينهما ـ في أنّ الأقلّ معلوم تفصيلاً، والأكثر مشكوك بدواً(1).

ويرد عليه: أنّ هذا قياس مع الفارق؛ إذ فيما نحن فيه يوجد ـ لا محالة ـ وراء العلم التفصيليّ علم آخر ولو مستتراً وتقديريّاً، ويقع الكلام في أنّه هل هو منحلّ وغير موجود بالفعل أو لا؟

ولم يكن الأمر كذلك في باب دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، و الدليل على ذلك ما تراه من أنّه لو زال علمنا باحتراق كتاب الهندسة لم يزل أصل العلم باحتراق أحد الكتابين، بخلاف باب الأقلّ والأكثر؛ إذ لو زال علمنا بفوات صوم اليوم الأوّل لم يكن لدينا علم بفوات صوم يوم من الأيّام أصلاً.



(1) راجع نهاية الأفكار تقرير بحث المحقّق العراقيّ(رحمه الله) القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 250، وقد أجاب عليه في نهاية الأفكار بأنّ الإجمال في باب الأقلّ والأكثر إنّما هو في الحدّ، لا في أصل التكليف، بدليل عدم صدق قضيّة تعليقيّة تقول: لو كان الواجب هو الأكثر لكان الأقلّ غير واجب في حين أنّه تصدق القضيّة التعليقيّة من الطرفين في الدوران بين المتباينين حتّى بعد تحقّق العلم التفصيليّ، أقول: صحيح أنّ في موارد العلم الإجماليّ بين المتباينين إذا كان للمعلوم بالإجمال تعيّن واقعيّ صدق نفي وجوده في أحد الطرفين على تقدير وجوده في الطرف الآخر، بينما هذا غير صادق بلحاظ ذات التكليف في الأقلّ والأكثر، فهذه آية انتفاء العلم الإجماليّ في الأقلّ والأكثر بخلاف المقام، إلاّ أنّ الذي يقول بالانحلال لا يعترف بصدق هذه القضيّة التعليقيّة بعد تحقّق العلم التفصيليّ، فالأولى في الجواب ما ذكرناه في المتن عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).