المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

267

يساوق ما قلناه من عدم السريان إلى حدّ أخصّ، فإنّ الحدّ بما هو حدّ لا يكونمحفوظاً في ضمن حدّ أخصّ، وإلاّ للزم أن يكون الفرد قابلاً للانطباق على كثيرين، ومن هنا يظهر أنّ المطابق الخارجيّ للعلم الإجماليّ إنّما هو مطابق للمعلوم بالذات القائم في اُفق النفس ذاتاً وليس مطابقاً له حدّاً، بخلافه في العلم التفصيليّ، فإنّ المطابق الخارجيّ فيه مطابق للمعلوم بالذات ذاتاً وحدّاً.

والحاصل: أنّ معروض العلم الإجماليّ كمعروض الكلّيّة، إنّما هو الجامع بحدّه، وكما يستحيل سريان الكلّيّة إلى الفرد كذلك يستحيل سريان العلم إليه، غاية الفرق بين الكلّيّة والعلم، هي أنّ الكلّيّة تعرض للحدّ الجامعيّ بما هو حدّ ذهنيّ قائم في الذهن. وأمّا العلم فيعرض للحدّ الجامعيّ بما هو مرآة للخارج، وبما أنّه يُرى به بالنظر التصوّري الخارج، ولهذا لا توصف الاُمور الخارجيّة بالكلّيّة وتوصف بالعلم.

وأمّا الأمر الثاني: فهو أنّنا لو علمنا باحتراق أحد الكتابين كتاب الهندسة وكتاب التأريخ مثلاً، ثمّ علمنا تفصيلاً باحتراق كتاب الهندسة فقد انهدم بذلك الركن الثاني من ركني العلم الإجماليّ؛ إذ بتعلّق العلم تفصيلاً بأحد الأطراف قد زاد المنكشف، فلا محالة يزيد الانكشاف، فإنّ الانكشاف إنّما توقّف على الجامع لنقص المنكشف وقد زال النقص فقد سرى العلم من ذاك الحدّ إلى الحدّ الشخصيّ، فلم يكن علماً بالجامع بحدّه الجامعيّ ولا مقترناً باحتمالات الانطباق على الأطراف، إذن فقد انحلّ العلم الإجماليّ إلى علم تفصيليّ باحتراق كتاب الهندسة مثلاً، وشكّ بدويّ في احتراق كتاب التأريخ.

أقول: إنّ هذا الجامع الذي لا يبدو في بادئ النظر مقيّداً بقيد يحتمل عدم انطباقه على هذا الفرد إن كان حاله ـ بحسب الدقّة العقليّة ـ كذلك، أي: لم يكن حقيقة مقيّداً بقيد يحتمل عدم انطباقه على هذا الفرد، فلا محالة يتحقّق الانحلال بالبرهان الذي عرفت، والشأن في مقام مصير هذا الوجه هو تحقيق هذه النكتة،