المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

268

وهي أنّه هل يكون هذا الجامع مقيّداً بما يحتمل عدم انطباقه على هذا الفرد، فلا ينحلّ العلم الإجماليّ بهذا الوجه؛ لعدم العلم بانطباق الجامع المعلوم على ما علم به تفصيلاً، أو لا يكون كذلك، فيكون العلم الإجماليّ منحلاًّ؟ وهذه هي النكتة التي حاموا حولها ولم يدخلوا في تحقيقها، وكأنّهم اكتفوا فيها بالارتكاز والوجدان.

الوجه الثالث: أنّه لولا انحلال العلم الإجماليّ بعد تعلّق العلم التفصيليّ بأحد الفردين للزم اجتماع المثلين؛ إذ العلم الإجماليّ بعد العلم بانطباق الجامع على هذا الفرد قد سرى إلى هذا الفرد وهو معروض لعلم تفصيليّ، فقد أصبح معروضاً لعلمين وهو محال(1).

ولكن لا يخفى أنّ هذا الوجه لا يرجع إلى محصّل، فإنّه إن سلّمنا بسريان العلم من الجامع إلى الفرد فهو مساوق لانحلال العلم الإجماليّ وانتفاء الإجمال، فقد ثبت المقصود بقطع النظر عن إشكال اجتماع المثلين، وإن لم نقبل بالسريان لم يلزم اجتماع المثلين؛ لأنّ أحد العلمين واقف على الجامع بحدّه الجامعيّ، والعلم الآخر ثابت على الفرد.

والإشكال بأنّ الجامع بحدّه الجامعيّ غير موجود في الخارج فما معنى وقوف العلم عليه؟ مدفوع بأنّ الجامع بحدّه الجامعيّ قابل للوجود في عالم النفس وإن لم يكن قابلاً للوجود في عالم الخارج، والعلم الإجماليّ ـ ككلّ علم ـ يكون معروضه بالذات الصورة القائمة في عالم النفس، وما في الخارج يكون معروضاً له ومنكشفاً به بالعرض.

على أنّ هذا الوجه بقطع النظر عن الإشكال الذي شرحناه يكون تحقيقه مرتبطاً بتحقيق تلك النكتة، وهي أنّه هل يكون المعلوم بالإجمال محدوداً بحدّ يحتمل



(1) راجع نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 250.