المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

270

الطرف فليس في ذاك الطرف، وإن كان في ذاك الطرف فليس في هذا الطرف، ومن المعلوم أنّ هذه القضيّة الشرطيّة لا تأتي بعد العلم باحتراق كتاب الهندسة مثلاً، فلا يصحّ أن يقال: إن كان كتاب التأريخ محترقاً فكتاب الهندسة غير محترق، فإنّ كتاب الهندسة محترق على كلّ حال.

ولكن لا يخفى أنّ هذا الوجه ينشأ من إساءة فهم معنى هذا اللازم؛ إذ ليس هذا اللازم بالمعنى الذي يمكن أن يقال به عبارة عن أنّ الطبيعيّ لو وجد في هذا الطرف فهو معدوم في ذاك الطرف وبالعكس، فإنّ هذا واضح البطلان؛ إذ لا ينطبق على موارد احتمال وجوده في كلا الطرفين، كما لو قطع باحتراق أحدهما واحتمل احتراق كليهما، وليس مراد المحقّق العراقيّ(قدس سره) ذلك، وإنّما مراده أنّ المنكشف بالعلم الإجماليّ ـ الذي يستحيل أن يكون أكثر من واحد؛ لأنّ العلم تعلّق بمفاد النكرة لا بمفاد اسم الجنس ـ لو كان موجوداً في هذا الطرف فهو غير موجود في ذاك الطرف وبالعكس، وعلى هذا لا يكون موضوع لهذا الوجه؛ إذ لا يمكن أن يقال: إنّ احتراق كتاب الهندسة هو المعلوم بالإجمال على كلِّ حال ـ أي: سواء كان الفرد الآخر معلوماً بالإجمال أو لا ـ كما كنّا نقول: إنّ كتاب الهندسة محترق على كلّ حال ـ أي: سواء كان الكتاب الآخر محترقاً أو لا ـ إذ لو صحّ هذا اللازم وفرضنا أنّ المعلوم بالإجمال له تعيّن حتّى على فرض احتراق الكتابين في الواقع، فعلى تقدير كون الفرد الآخر هو المعلوم بالإجمال لا يكون هذا الفرد معلوماً بالإجمال قطعاً، فليس احتراق كتاب الهندسة هو المعلوم بالإجمال على كلّ حال.

ثمّ بعد غضّ النظر عن هذه الجهة نقول: إنّه لو صحّ هذا اللازم واُريد تطبيقه على محلّ الكلام فلابدّ أيضاً أن نرجع إلى تلك النكتة الأساسيّة؛ إذ لو فرضنا أنّ الجامع المعلوم بالإجمال كان متخصّصاً بخصوصيّة محتملة الإباء عن الانطباق على الفرد