المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

274

أنّنا نرى بالوجدان أنّ هناك فرقاً بين الحالتين.

وفيه: أنّ الفرق بحسب الحالة النفسانيّة ثابت بينهما حتّى على تقدير الانحلال، والسرّ في ذلك أنّ العلم التفصيليّ حينما يكون ناظراً إلى تعيين المعلوم بالإجمال يثبته في طرف وينفيه عن الطرف الآخر؛ إذ فرض كونه ناظراً إلى ذلك مساوق لثبوت تعيّن واقعيّ للمعلوم بالإجمال، فالعلم التفصيليّ كما يتعلّق بثبوت ذلك الواقع في هذا الطرف كذلك يتعلّق بانتفائه في ذاك الطرف، فيزول احتمال انطباق المعلوم بالإجمال على الطرف الآخر، وهذا بخلاف ما لو لم يكن ناظراً إلى تعيينه، فإنّه عندئذ إنّما يزول العلم الإجماليّ بتبدّل احتمال الانطباق في هذا الطرف إلى العلم بالانطباق من دون أن يتبدّل أيضاً احتمال الانطباق في الطرف الآخر إلى العلم بعدم الانطباق، بل يبقى احتمال الانطباق في الطرف الآخر على حاله، ولكنّه لا يستلزم ثبوت العلم الإجماليّ؛ لاختلاف الحدود كما مضى بيانه.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ جميع ما بيّنوه في المقام ليس بحثاً أساساً في الانحلال.

والبحث الأساس فيه يقع في نكتتين للانحلال:

الاُولى: ما وصل إليها كلام المثبتين للانحلال والنافين له، ولكن لم يتعرّضوا لها مباشرة بالتحقيق إثباتاً أو نفياً، وهي أنّ الجامع المعلوم هل هو متّصف بخصوصيّة تأبى احتمالاً عن انطباقه على المعلوم بالتفصيل أو لا؟ فهذه النكتة هي ما حامت كلتا المدرستين حولها ولم يحقّقوها.

والثانية: ما لم يحوموا حولها فضلاً عن أن يحقّقوها، وهي زوال العلم الإجماليّ بزوال سببه في نفسه، وذلك بواسطة العلم التفصيليّ.

فنحن نقول: إنّ انحلال العلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ يتصوّر له ملاكان:

الملاك الأوّل: أن ينطبق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل بنحو الجزم،