المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

276

بالتفصيل جزماً، لكن بالنظر إلى ذلك يصبح محتمل الإباء عن الانطباق عليه.

وهذا التصوّر أيضاً خاطئ؛ لأنّ الخصوصيّة، وهي الوجود المفروغ عنه لا يكون داخلاً تحت العلم إلاّ بمقدار معرّفيّة هذا الجامع، ومقدار معرّفيّته يلائم كلا الطرفين لا محالة.

والتحقيق: أنّ هناك خصوصيّتين يمكن إبرازهما لجعل الجامع المعلوم محتمل الإباء عن الانطباق على المعلوم التفصيليّ:

الخصوصيّة الاُولى: توجد في بعض موارد العلم الإجماليّ لا في جميع موارده، وتلك الخصوصيّة مستمدّة من تحديد خارجيّ للمعلوم بالإجمال ـ أي: تكون بلحاظ وجوده الخارجيّ ـ وتوضيح ذلك: أنّ العلم الإجماليّ بلحاظ سبب تكوّن العلم ينقسم إلى قسمين:

الأوّل: أن لا تكون نسبة سببه إلى كلّ من الطرفين على حدّ سواء، بخلاف نفس العلم الذي تكون نسبته إلى كليهما على حدّ سواء، وذلك كما لو رأينا الدخان يتصاعد من جانب أحد الكتابين لا نراه بأعيننا كي نميّزه من الآخر، فعلمنا باحتراق أحدهما بدليل إنّيّ وهو تصاعد الدخان الذي ليست نسبته إلى احتراق الكتابين على حدّ سواء، بل هو معلول لأحدهما المعيّن في الواقع، أو رأى ثقة ـ نقطع بعدم كذبه ـ احتراق أحدهما، فأخبرنا به فعلمنا باحتراق أحدهما بإخبار الثقة الذي هو أيضاً معلول لاحتراق أحدهما المعيّن في الواقع وليست نسبته إلى كليهما على حدّ سواء، وكما لو رأينا النار توجّهت نحو أحد الكتابين ولم نره بأعيننا كي نميّزه من الآخر فعلمنا باحتراق أحدهما بالدليل اللمّيّ، وهو توجّه النار نحوه الذي يكون علّة لاحتراق أحدهما المعيّن في الواقع وليست نسبته إلى كلا الطرفين على حدّ سواء، فسبب العلم في أمثال هذه الموارد يركِّز في نفسه على فرد معيّن بحسب الواقع صار مجهولاً عندنا لجهة من الجهات، ومردّداً بين فردين فأوجب تحقّق العلم الإجماليّ.