المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

277

الثاني: أن تكون نسبة سبب العلم كنفس العلم إلى جميع الأطراف على حدّ سواء، وذلك بأن لا يكون سبب العلم مركِّزاً على أحد الأطراف، بل يكون مصبّ إثباته في نفسه هو عدم اجتماع أمرين مثلاً، فلا محالة يحصل العلم الإجماليّ بانتفاء أحدهما، وذلك يكون لأحد وجهين:

الأوّل: أن يفرض أنّ سبب العلم هو تجمّع احتمالات في جميع الأطراف ممّا يشكّل كلّ واحد منهما قرينة ناقصة على الجامع بين الأطراف، فحصل العلم بالجامع نتيجة لتكاثف الاحتمالات عليه ممّا يوجب التحوّل إلى العلم وفق ضوابط وقوانين معيّنة، فنسبة سبب العلم إلى جميع الأطراف على حدّ سواء، كما لو علمنا بمساورة الكافر لبعض ما حوله من الأواني في فترة طويلة من الزمن نتيجة تجمّع احتمالات المساورة لهذا الإناء أو ذاك، فسبب العلم هنا لا يركِّز في نفسه على فرد معيّن في الواقع، بل هو يركِّز ابتداءً على نفي اجتماع عدم المساورة في تمام الأطراف.

والثاني: أن يفرض أنّ سبب العلم وإن لم يكن عبارة عن تجمّع الاحتمالات من الأطراف بل كان برهاناً من البراهين، لكن هذا البرهان إنّما يبرهن بالمطابقة على عدم الاجتماع، مثاله: ما لو ادّعى شخصان النبوّة قبل خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله) وكذّب كلّ منهما الآخر، فعلمنا إجمالاً بأنّ أحدهما غير نبيّ ببرهان أنّهما لو كانا نبيّين للزم كونهما نبيّين كاذبين يكذّب كلّ منهما الآخر، ومثال آخر لذلك: أنّه ادّعى كلّ واحد من شخصين أنّه اُرسل نبيّاً بالنسبة لشخص واحد في زمان واحد وفي حكم واحد، فعلمنا بكذب أحدهما بناءً على أنّ البرهان يقتضي عدم صحّة إرسال نبيّين إلى شخص واحد في زمان واحد لحكم واحد.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّه في القسم الأوّل، وهو ما لو لم تكن نسبة السبب إلى كلا الطرفين على حدّ سواء يكون المعلوم بالإجمال محدّداً بحدّ خارجيّ وهو عنوان