المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

278

الفرد المنتسب إلى ذلك السبب، فلا ينحلّ العلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ بنكتة الانطباق، فلو علمنا باحتراق كتاب الهندسة بالنار مثلاً، كان علمنا الإجماليّ باحتراق أحد الكتابين ـ الناتج من رؤية تصاعد الدخان من جانب أحدهما، أو من إخبار الثقة باحتراقه، أو من رؤية توجّه النار إليه ـ غير منحلّ بالعلم التفصيليّ بالانطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل؛ لأنّ الحدّ الخارجيّ المحرز في المقام محتمل الإباء عن الانطباق عليه. وأمّا في القسم الثاني فلا يوجد هناك تحديد خارجيّ للمعلوم بالإجمال؛ إذ المفروض أنّ نسبة سبب العلم إلى كلا الفردين على حدّ سواء، فلا مورد للقول بأنّنا لا ندري أنّ الفرد المنتسب إلى هذا السبب أهو هذا أو ذاك؟

وقد يقال: إنّ هذا الملاك لعدم الانحلال وإن كان صحيحاً في القسم الأوّل بلحاظ المعلوم بالإجمال المتحصّص بقيد خارجيّ، لكنّه لا يوجب بقاء تنجيز العلم الإجماليّ بلحاظ متعلّق الحكم الشرعيّ وموضعه، فلو رأينا مثلاً توجّه قطرة الدم إلى أحد الماءين فحصل علم إجماليّ بنجاسة أحدهما، ثمّ علمنا تفصيلاً بنجاسة واحد معيّن منهما، فصحيح أنّ العلم الإجماليّ بنجاسة أحدهما المحدّدة بالانتساب إلى تلك القطرة من الدم غير منحلّ بالعلم التفصيليّ لعدم معلوميّة الانطباق، ولكن هذا العلم الإجماليّ لا أثر له في عالم التنجيز؛ لأنّ التكليف إنّما تعلّق بترك شرب المائع النجس بما هو نجس، لا بترك شرب المائع الذي تنجّس بتلك القطرة بما هو كذلك، وتأثير العلم الإجماليّ بالتكليف في تنجيز الأطراف إنّما هو رهين لتردّد الانكشاف في مرتبة الحدّ الذي تعلّق به التكليف، وفي مرتبة هذا الحدّ ـ وهو جامع النجاسة ـ لا تردّد في الانكشاف، بل يعلم بنجاسة هذا الفرد ولا يعلم بنجاسة ذاك الفرد، والتردّد في هذا الانكشاف إنّما هو واقع في مرتبة حدّ آخر غير داخل في دائرة التكليف، وهو كون النجاسة ناشئة من تلك القطرة، فلا