المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

28

ولا يلزم من الجري العمليّ على طبق الأصل الجري العمليّ على لوازمه.

وجاء السيّد الاُستاذ ورأى أنّ هذا البرهان غير صحيح؛ لأنّ العلم التعبّديّ بشيء لا يستلزم العلم التعبّديّ بلوازمه، كما يستلزم العلم الوجدانيّ بشيء العلم الوجدانيّ بلوازمه، وإنّما يكون ثبوت اللوازم وعدمه تابعاً لإطلاق دليل الاعتبار للّوازم وعدمه، فأنكر هذا الفرق بين الأمارة والأصل.

وتحقيق صحّة هذا الفرق وعدمه يأتي ـ إن شاء الله ـ في بحث الأصل المثبت في الاستصحاب، وإنّما المقصود هنا: أنّ الفرق ـ بناءً على صحّته ـ مرتبط بجوهر الفرق بين الأمارة والأصل، لا بكون اللسان في الاُولى جعل العلم وفي الثانية جعل الجري العمليِّ مثلاً، فالواقع أنّ إعمال قوانين باب التزاحم من قِبل المولى بين أغراضه في مقام حفظها التشريعيّ بالحكم الظاهريّ إن كان بلحاظ ما للأمارة من حظّ من الكاشفيّة التكوينيّة، فهذه الكاشفيّة نسبتها إلى المدلول المطابقيّ والالتزاميّ على حدّ سواء، فإن تكن هذه الكاشفيّة هي المرجّحة في مقام الحفظ فنسبة هذا الترجيح إليهما على حدّ سواء، فبعد فرض الفراغ عن الإيمان بأنّ الأحكام الظاهريّة طريقيّة محض، وليست ناشئة من مصالح في أنفسها، أو مصالح زائدة على ملاكات الواقع في متعلّقاتها، وإنّما هي وليدة لقوانين التزاحم بين ملاكات الواقع فحسب، وعدم الإيمان بمثل السببيّة، والفراغ عن عدم وجود نكتة نفسيّة أثّرت في جعل الحجّيّة لأمارة مّا، وأنّ ملاك حجّيّة الخبر مثلاً إنّما هو قوّة الكشف، يكون هذا أساساً لحجّيّة مثبتات الأمارات، ويأتي تحقيقه في محلّه إن شاء الله، وهذا بخلاف الاُصول، ففي بعض الشبهات إن كان جانب الإباحة أهمّ بنظر المولى من جانب الحرمة مثلاً، فَجَعَل البراءة لا تلزم من ذلك أهمّيّة لوازم تلك الإباحات من لوازم تلك الحرمات. هذا هو الذي أوجب بحسب الحقيقة ارتكاز حجّيّة مثبتات الأمارات دون الاُصول في العصر الثالث.