المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

280

ثابت بالنسبة لها، ولا يضرّنا خروج هذا القيد والتقيّد به عن دائرة التكليف، وكذلك لو علم إجمالاً بوجوب إحدى الصلاتين؛ لأنّ الثقة أخبر بوجوب إحداهما معيّناً ولم ندرِ أنّه أخبر بأيّة منهما، وعلمنا تفصيلاً بوجوب إحداهما بالتعيين، فذات الحكم الذي أخبر به الثقة له تعيّن ذاتيّ في عالَمِه، والتردّد ثابت بالنسبة له، وهذا يكفينا في التنجيز وإن كان القيد والتقيّد بإخبار الثقة خارجين عن دائرة التكليف.

الخصوصيّة الثانية: ما يكون ثابتاً في جميع موارد العلم الإجماليّ، وهي وإن كانت دقيقة لا يلتفت إليها تفصيلاً إلاّ بعد الدقّة والتأمّل لكنّها بوجودها الارتكازيّ تحفظ ـ لا محالة ـ العلم الإجماليّ(1) وتوجب عدم الانحلال، وهي في الحقيقة ليست تحديداً خارجيّاً للمعلوم بالإجمال بلحاظ وجوده الخارجيّ كما هو الحال في الخصوصيّة الاُولى، بل هي تحديد ذهنيّ لنفس العلم يوجب عدم الانحلال بملاك الانطباق، ونحن نوضّح المقصود في المقام بذكر أمرين:

الأمر الأوّل: أنّ المعلوم التفصيليّ هنا محدود بحدّ تقييديّ، والمعلوم الإجماليّ محدود بحدّ إطلاقيّ.

أمّا الأوّل: فبيانه: أنّ العلم بمساورة هذا الإناء بعينه مثلاً وليد لعلمين:

الأوّل: العلم بقضيّة شرطيّة، وهي أنّه لو كان جهازي الإحساسيّ سليماً حينما رأيت المسيحيّ يساور هذا الإناء المعيّن فقد ساور المسيحيّ هذا الإناء.

والثاني: العلم بتحقّق الشرط في هذه القضيّة الشرطيّة، فيتولّد منهما ـ لا محالة ـ العلم بتحقّق الجزاء، لكن ليس هذا علماً على كلّ تقدير، فإنّنا لا نعلم بمساورة هذا الإناء على تقدير عدم سلامة جهاز الإحساس، وإنّما نعلم بها على تقدير سلامته.

وقد تقول: كيف لا أعلم بالمساورة على كلّ تقدير مع أ نّي أعلم بالفعل بالمساورة؟



(1) أو قل: بوجودها الواقعيّ تبرهن على عدم الانحلال بملاك الانطباق.