المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

281

لكنّا نقول: إنّك وإن كنت تعلم بالمساورة إلاّ أنّ هذا العلم إنّما صار فعليّاً من ناحية العلم بفعليّة الشرط، وهذا لا يخرج المعلوم التفصيليّ عن كونه معلوماً بعلم محدود بالحدّ الجزائيّ للقضيّة الشرطيّة، أي: بما هو مقيّد بالشرط ومرتبط به بنحو يستحيل إطلاقه لفرض فقدان الشرط.

وأمّا الثاني: فبيانه: أنّ المعلوم بالإجمال عبارة عن مساورة أحد هذه الأواني على كلّ تقدير ـ أي: سواء كان جهازي الإحساسيّ سليماً أو لا ـ لأنّ سبب هذا العلم لم يكن هو العلم بسلامة جهاز الإحساس، وإنّما كان حساب الاحتمالات المحفوظ على كلا التقديرين.

الأمر الثاني: بعد أن عرفت أنّ المعلوم بالإجمال محدود بحدّ إطلاقيّ، والمعلوم بالتفصيل محدود بحدّ تقييديّ وإن كانا حدّين ذهنيّين قلنا: إنّ انحلال العلم الإجماليّ بملاك الانطباق على المعلوم التفصيليّ لا يعقل إلاّ بعدم التنافي بين الحدّين، أو بتبدّل أحد الحدّين إلى الآخر حتّى ينطبق أحدهما على الآخر، والتنافي بين الإطلاق والتقييد واضح لا يمكن إنكاره، فلا يعقل الانحلال بملاك الانطباق إلاّ بأن يفقد العلم الإجماليّ حدّه الإطلاقيّ، أو يفقد العلم التفصيليّ حدّه التقييديّ، وكلاهما غير متحقّق في المقام:

أمّا الأوّل: فمعنى فقد العلم الإجماليّ إطلاقه هو أن لا نعلم إجمالاً على تقدير عدم سلامة جهاز الإحساس بمساورة أحد الأواني مع أنّنا نعلم ذلك بالوجدان.

وأمّا الثاني: فمعنى فقد العلم التفصيليّ تقييده هو أن نعلم بمساورة هذا الإناء المعيّن حتّى على تقدير عدم سلامة جهاز الإحساس، مع أنّنا لا نعلم بذلك بالوجدان.

وهذا هو وجه الفرق بين مثل ما نحن فيه وبين ما لو كان مصبّ الدليلين ابتداءً شيئاً واحداً، كما لو قطعنا بأمر تفصيلاً بدليلين، فالقطع به بكلّ واحد من الدليلين