المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

282

وإن كان لولا الدليل الآخر مقيّداً، فلا نقطع بثبوت ذلك على تقدير حصول الغفلة في ذلك الدليل مثلاً، لكنّه بمجموع الدليلين يحصل إطلاق في العلم من كلا الجانبين ويتحقّق علم واحد بذلك الأمر مطلق من ناحية تقدير الغفلة في هذا الدليل، وكذلك من ناحية تقدير الغفلة في ذاك الدليل، ولا يكون مقيّداً إلاّ بلحاظ تقدير الغفلة في كلا الدليلين، فالحدّان الثابت كلّ منهما لولا الدليل الآخر غير ثابتين عند اجتماع الدليلين، وإنّما الثابت حدّ ثالث مقيّد بما عرفت، بينما في المقام يكون الحدّان باقيين على حالهما كما اتّضح لك ذلك.

فيتحصّل ممّا ذكرناه: عدم صحّة انحلال العلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ بملاك الانطباق؛ لما نرى فيما بين العلمين من الاختلاف في الحدود الذهنيّة.

وإن شئت فقل: إنّ انحلال العلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ بملاك انطباق الحدود يستلزم عدم وجود العلم الإجماليّ على أيّ تقدير، مع أنّ العلم الإجماليّ ـ على تقدير عدم سلامة جهاز الإحساس ـ ثابت بالوجدان لا بمعنى كون العلم تقديريّاً، بل هو فعليّ متعلّق بقضيّة اُخذ فيها هذا التقدير.

إن قلت: إنّنا نلتزم بانحلال أحد تقديري العلم الإجماليّ بالانطباق، فنقول: إنّ العلم الإجماليّ بمساورة أحد الأواني ـ على تقدير عدم سلامة جهاز الإحساس ـ وإن لم ينحلّ بالعلم التفصيليّ؛ لأنّ العلم التفصيليّ ثابت على تقدير آخر لا على هذا التقدير، لكن العلم الإجماليّ بمساورة أحد الأواني ـ على تقدير سلامة جهاز الإحساس ـ قد انحلّ بالعلم التفصيليّ الثابت على هذا التقدير.

قلت: إنّنا نعلم أنّ الفرد المعلوم بالإجمال ـ على التقدير الثاني ـ هو عين الفرد المعلوم بالإجمال على التقدير الأوّل، فإذا احتمل إباء الفرد المعلوم بالإجمال ـ على التقدير الأوّل ـ عن الانطباق على الفرد المعلوم بالتفصيل فلا محالة يحتمل إباء هذا الفرد أيضاً عن ذلك لتقيّده بهذا القيد، وليس حال هذا القيد حال ما مضى