المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

283

من تقييد الفرد المعلوم بالإجمال بواقعه، والذي أبطلناه فيما مضى بأنّ الواقع ليس داخلاً تحت العلم إلاّ بمقدار معرّفيّة الجامع الملائم لجميع الأطراف، أو قل: إن اُريد التقييد بذات الواقع فهو خارج عن دائرة العلم، وإن اُريد التقييد بعنوان الواقع الكلّيّ فهو قابل للانطباق على المعلوم بالتفصيل. أقول: إنّ ما نحن فيه لا يقاس بذلك، فإنّ الفرد في المقام قد قيّد بعنوان داخل تحت العلم محتمل الإباء عن الانطباق وهو كونه ذاك الفرد المعلوم على التقدير الأوّل.

وبكلمة اُخرى: إنّ تقييد هذا الفرد بكونه ذاك الفرد المنكشف ـ على التقدير الأوّل ـ ليس تقييداً خارجيّاً للمعلوم بالإجمال ـ أي: مأخوذاً من الخارج ـ وإنّما مرجع هذا التقييد بحسب الحقيقة إلى أنّ الفرد المنكشف ـ على التقدير الثاني ـ منكشف بنفس الانكشاف الثابت على التقدير الأوّل، وهذا يعني أنّ لدينا علماً واحداً محدوداً بحدّ إطلاقيّ شامل لكلا التقديرين لا يمكن أن ينحلّ بسبب الانطباق على العلم التفصيليّ المحدود بحدّ تقييديّ، لاستحالة الانطباق عند تباين الحدّين.

الملاك الثاني: زوال سبب العلم الإجماليّ بحدوث العلم التفصيليّ، فإذا زال سببه انحلّ العلم الإجماليّ لا محالة، وهذا الملاك ملازم دائماً لعدم وجود التحديد الخارجيّ للمعلوم بالإجمال المحتمل الإباء عن الانطباق.

وتوضيح ذلك: أنّك قد عرفت أنّ المعلوم بالإجمال تارةً يوجد له تحديد خارجيّ، وذلك فيما لو كانت نسبة سبب العلم إلى الأطراف لا على حدّ سواء، واُخرى لا يوجد له حدّ خارجيّ وهو ما لو كان الدليل مركّزاً بالمباشرة على نفي اجتماع أمرين مثلاً، فيعلم إجمالاً بعدم أحدهما سواء كان ذلك على أساس تجمّع الاحتمالات، أو على أساس البرهان، ونقول في المقام: إنّ القسم الأوّل لا يوجد فيه وجه لزوال سبب العلم الإجماليّ بحدوث العلم التفصيليّ، فمهما لم تكن نسبة