المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

285

الوجه الثاني: يعمّ مطلق موارد نفي السبب لعنوان الاجتماع سواء كان ذلك بحساب الاحتمالات أو بالبرهان، وهو أنّه لو قام برهان مثلاً على عدم اجتماع هذين المدّعيين للنبوّة في الصدق، فعلمنا إجمالاً بعدم نبوّة أحدهما، فسبب حصول العلم الإجماليّ مركّب في الحقيقة من أمرين، وتوضيح ذلك: أنّ الممكنات العقليّة ـ بقطع النظر عن هذا البرهان ـ أربعة: نبوّتهما معاً، وعدم نبوّتهما معاً، ونبوّة هذا دون ذاك، وبالعكس، فهذه الاُمور الأربعة تستنفد عالم الإمكان في هذا المطلب، فإذا قام البرهان على بطلان أحد هذه الشقوق اضطرّ النفس ـ لا محالة ـ إلى التوجّه إلى شقّ آخر غير هذا الشقّ، فإن لم يرَ مرجّحاً لبعضها على بعض في عالم التوجّه توجّه ـ لا محالة ـ إلى الجميع على حدّ سواء وتولّد العلم الإجماليّ بينها، فعلمه الإجماليّ بعدم نبوّة أحدهما يكون بسبب مركّب من أمرين: أحدهما البرهان على عدم نبوّتهما معاً، والثاني عدم الترجيح في عالم توجّه النفس بين


الناقص وانقلابه إلى النقيض لا بتصاعد مستوى الكشف ووصوله إلى حدّ العلم، فالكشف الذي زال يسقط عن القدرة على التكاتف مع باقي الكشوف الناقصة لإثبات الجامع بحدّه الجامعيّ، ولكن الكشف الذي تقوّى إلى حدّ العلم لماذا يسقط عن التأثير في المقام؟

وجواب هذا السؤال هو عبارة عن أنّ العلم بالجامع بحدّه الجامعيّ كان وليد عدم المرجّح في النفس للتوجّه في عالم الانكشاف القطعيّ إلى طرف دون طرف، وهذا العامل مختلّ في العلم التفصيليّ المتعلّق بطرف معيّن، فإنّ الانكشاف القطعيّ توجّه هنا إلى طرف خاصّ فلم يكن ترجيح بلا مرجّح.

وبهذا يتّضح أنّ هذا الوجه لبيان زوال سبب العلم يجب إرجاعه إلى مايأتي من الوجه الثاني الناظر إلى إبراز عامل الترجيح بلا مرجّح وتأثيره في العلم الإجماليّ.