المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

297

والتحقيق: أنّ كلّ هذه الكلمات بلا موضوع في المقام؛ لأنّ باب العلم والتنجيز ليس باب الأسباب والمسبّبات التكوينيّة حتّى يقال: إنّه اجتمع سببان للتنجيز، ويستحيل تعدّد العلّة على معلول واحد، ويستحيل تعدّد المعلول هنا، فيدّعى انسلاخ أحدهما عن العلّيّة فيتوجّه الانحلال الحكميّ مثلاً، أو يفرض مجموعهما علّة واحدة فلا يتوجّه الانحلال الحكميّ، وإنّما بابه باب إدراك العقل العمليّ لدائرة حقّ المولى، ويجب أن نرى ما هي دائرة حقّ المولويّة، ولا إشكال في أنّ تكليف المولى غير الواصل ليس داخلاً في دائرة حقّ المولويّة، وإنّما الداخل في هذه الدائرة هو التكليف الواصل، وتجب مراجعة العقل العمليّ لتشخيص أنّ أيّ درجة من الوصول داخلة في دائرة حقّ المولويّة؟ وبعد البناء على أنّ الداخل في هذه الدائرة هو التكليف الواصل بدرجة العلم ولو إجمالاً، بحيث تجب الموافقة القطعيّة للعلم الإجماليّ يجب أن نرى أنّ التكليف الواصل بالعلم الإجماليّ هل هو داخل في دائرة حقّ المولويّة حتّى مع تعلّق العلم التفصيليّ بأحد طرفيه أو لا؟ فإن قلنا: نعم، كان معنى ذلك عدم الانحلال، وإن قلنا: لا، كان معنى ذلك الانحلال من غير علاقة لما نحن فيه بمسألة تعدّد الأسباب إطلاقاً.

وحيث إنّنا ننكر أساساً قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلا موضوع لهذا البحث عندنا، ولكن لو سلّمنا القاعدة قلنا: إنّه تارةً يفترض أنّ العلم الإجماليّ ينجّز الواقع بحيث تجب موافقته القطعيّة، واُخرى يفرض أنّه ينجّز الواقع بمقدار إضافته إلى الجامع، وإنّما تجب موافقته القطعيّة من باب تعارض الاُصول، وثالثة يفرض أنّه ينجّز الجامع، وأيضاً إنّما يجب الاجتناب من الطرفين بملاك تعارض الاُصول. والفرق بين الثاني والثالث هو أنّه على الثاني ـ حيث إنّ فرضه فرض تعيّن للمعلوم بالإجمال ـ لو انكشف أنّ الحرام كان الفرد الآخر دون الفرد الذي تعلّق به العلم الإجماليّ لم يكن تنجّز وعقاب بغير ملاك التجرّي، بخلافه على الثالث.