المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

299

 

2 ـ بلحاظ الاُصول الشرعيّة:

وأمّا باللحاظ الثاني: وهو الانحلال الحكميّ بالنظر إلى الاُصول المؤمّنة الشرعيّة، فالصحيح على غير مباني مدرسة المحقّق العراقيّ(رحمه الله)هو الانحلال، فإنّ عدم جريان الاُصول في الأطراف يجب أن يستند إمّا إلى محذور ثبوتيّ، أو إلى محذور إثباتيّ. أمّا المحذور الإثباتيّ فمنتف بعد تعلّق العلم التفصيليّ بأحد الأطراف، لعدم ابتلاء الأصل عندئذ بالمعارض، ولسان الدليل إثباتاً لا يقصر عن الدلالة على الأصل في بعض الأطراف عند عدم تحقّق موضوع الأصل في الطرف


إنّما تساقطت بالتعارض، ومع وجود منجّز خاصّ ببعض الأطراف ينتهي التعارض، فتجري الاُصول المؤمّنة الشرعيّة في باب باقي الأطراف، كذلك يقال على هذا المبنى في الأصل المؤمّن العقليّ، وهي البراءة العقليّة بأنّ تساقط الاُصول كان بالتعارض، وبعد اختصاص بعض الأطراف بمنجّز خاصّ به، كالعلم التفصيليّ تخرج البراءة العقليّة في باقي الأطراف عن المعارضة، فتجري وينحلّ العلم الإجماليّ انحلالاً حكميّاً.

ولكن الواقع أنّه بناءً على عدم تعلّق تنجيز العلم مباشرة إلاّ بالجامع إنّما تجري البراءة العقليّة بلحاظ المقدار الذي لم ينصبّ عليه هذا التنجيز، فهي لا ترخصّ إلاّ بلحاظ الخصوصيّتين، ولا تعني عدا أنّنا في سعة عقلاً من ناحية الخصوصيّتين، وهذا لا يعني جواز ارتكابهما معاً المؤدّي إلى ترك الجامع، فلا تعارض بين البراءتين من أوّل الأمر، وهذا يعني عدم وجوب الموافقة القطعيّة من أوّل الأمر، فوجوب الموافقة القطعيّة إن قلنا به ـ رغم فرض إيماننا بالبراءة العقليّة ـ يجب أن ينشأ إمّا من دعوى تعلّق العلم الإجماليّ بالواقع، أو من دعوى ضرورة سريان عوارض الجامع إلى أفراده شموليّاً، ولا ينشأ من التعارض بين البراءتين كي يكون تنجّز أحد الطرفين بمنجّز خاصّ به موجباً للانحلال.