المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

300

الآخر. وأمّا المحذور الثبوتيّ فلا يكون إلاّ على مباني مدرسة المحقّق العراقيّ(رحمه الله)القائلة بأنّ العلم الإجماليّ مهما صلح للمنجّزيّة فهو علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، فعلى هذا المبنى لا مجال للانحلال بالأصل الشرعيّ، بل إمّا أن يفرض عدم صلاحيّة العلم للتنجيز وانحلاله الحكميّ قبل النظر إلى الأصل الشرعيّ كما مضى عن المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، فلا تصل النوبة إلى الانحلال بالأصل الشرعيّ، وإمّا أن تفرض صلاحيّة العلم للتنجيز في نفسه فيصبح العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، فلا يمكن الانحلال بالأصل الشرعيّ.

ومن هنا ذهبت هذه المدرسة في غير الموارد التي ترى فيها الانحلال قبل النظر إلى الأصل الشرعيّ وهي موارد تعلّق القطع التفصيليّ أو منجّز آخر بأحد الطرفين إلى أنّه لا يجري الأصل المؤمّن الشرعيّ في أطراف العلم الإجماليّ حتّى إذا كان أصلاً واحداً.

هذا. وبما أنّنا منكرون لعلّيّة العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة نرى تماميّة الانحلال بلحاظ الاُصول المؤمّنة الشرعيّة.

بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه(1)، وهو: أنّ الانحلال الحقيقيّ حيث يكون يشترط فيه عدم تأخّر المعلوم التفصيليّ عمّا تنجّز من المعلوم الإجماليّ فلو تأخّر عنه لم يتمّ الانحلال، فإذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين في أوّل النهار، وعلمنا تفصيلاً بنجاسة واحد منهما في آخر النهار، فالعلم الإجماليّ ثابت بإحدى نجاستين: إحداهما من أوّل النهار إلى ما قبل حصول العلم التفصيليّ، والاُخرى من أوّل النهار مستمرّة حتّى بعد حصول العلم التفصيليّ، ولكن لا يشترط فيه عدم



(1) تعرّض اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) لهذا المطلب في مبحث العلم الإجماليّ، ولكنّا نقلناه إلى هنا كي نستغني عن بحثه حينما ننتهي ـ إن شاء الله ـ إلى مبحث العلم الإجماليّ.