المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

302

ولا يخفى أنّه لو قصرنا النظر على هذه العناصر توجّه في المقام الانحلال الحقيقيّ، فإنّك عرفت أنّ ضابط الانحلال الحقيقيّ هو كون نسبة سبب العلم الإجماليّ إلى الأطراف على حدّ سواء، والأمر فيما نحن فيه كذلك، فإنّ العلم الإجماليّ الكبير في المقام له سببان:

الأوّل: حكم العقل بأنّ الشريعة لا تخلو من أحكام إلزاميّة، ففرض الشريعة ملازم عقلاً لفرض البعث والزجر في الجملة، وهذا ـ كما ترى ـ نسبته إلى الأطراف على حدّ سواء، فإنّه يبرهن مباشرةً على الجامع، وعلى عدم اجتماع تمام الشبهات في عدم الإلزام، نظير ما مضى من البرهان على عدم اجتماع النبوّة في متنبّئين متكاذبين.

والثاني: حساب الاحتمالات بمعنى تحوّل قيم احتمال التكليف الإلزاميّ في كلّ فرد من الأطراف بتجمّعها في الجامع إلى العلم به، وهذا أيضاً ـ كما ترى ـ نسبته إلى الأطراف على حدّ سواء، نظير ما مضى في فرض العلم بمساورة المسيحيّ لأحد الأواني، وهذا هو الحال في كلّ علم إجماليّ فرض قائماً على أساس جمع الاحتمالات من الأطراف.

ولكنّ التحقيق: أنّ هنا عناصر اُخرى لم يبرزوها في المقام، وبإبرازها يظهر عدم الانحلال لا حقيقةً ولا حكماً، ولنا بهذا الصدد كلامان:

الكلام الأوّل: أنّ العلم الإجماليّ الصغير في دائرة الأمارات المعتبرة لم ينشأ عن اعتبارها، وإنّما نشأ عن تجمّع القوى الاحتماليّة لها سواء فرضت معتبرة أو لا، ونفس هذا المنشأ موجود في الأمارات غير المعتبرة كالشهرة التي استقرّ الرأي بعد الشيخ الأعظم(قدس سره) على عدم حجّيّتها، فكما يوجد علم صغير في دائرة أخبار الثقات مثلاً، كذلك يوجد في عرض هذا العلم علم صغير في دائرة الشهرات، والنسبة بين الدائرتين عموم من وجه، وعندئذ لو فرضنا عدم احتمال انطباق كلا