المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

304

فقالوا بأنّ الأوّل ينحلّ بالثاني. ولكنّ الصحيح: أن ينظر إلى الفقه بنظرة انحلاليّة، فإنّ لنا في كلّ باب من أبواب الفقه علماً إجماليّاً كبيراً مستقلاًّ يوجد في بعضها علم إجماليّ صغير في دائرة خبر الثقة لا يقلّ المعلوم بالإجمال فيها عن المعلوم بالإجمال في العلم الكبير كما في باب الصلاة مثلاً، ولا يوجد في بعضها الآخر كباب الضمان مثلاً، فإنّنا نقطع بأنّه قد صدرت من الشارع في باب الضمان دستورات إلزاميّة، وليس الموقف دائماً تجاه أموال الناس موقفاً غير إلزاميّ، ولكنّ الأخبار الواصلة لنا في ذلك الباب ليست بمقدار يُكوّن العلم الإجماليّ بعدد يساوي عدد المعلوم بالإجمال فيه، فإنّ كثرة الاحتمالات وقلّتها تؤثّر في مقدار المعلوم بالإجمال القائم على أساس حساب الاحتمالات، وفي مثل هذا لا وجه للانحلال الحقيقيّ ولا للانحلال الحكميّ بالمعلوم بالعلم الثاني؛ إذ هو أقلّ من المعلوم بالعلم الأوّل(1).



(1) وهذا يعني: أنّ ما رأوه بالنظرة المجموعيّة إلى الفقه من كون المعلوم بالعلم الصغير مساوياً للمعلوم بالعلم الكبير إنّما ينشأ من النظر إلى العلم الكبير الناشئ من حكم العقل بضرورة اشتمال الشريعة على تكاليف إلزاميّة، أو الناشئ من تجمّع الاحتمالات المتواجدة في أطراف الشبهات في حدّ ذاته وبقطع النظر عن تقوّيها بالأمارات. أمّا لو نظروا إلى العلم الكبير بكلّ ما له من مناشئ بما فيها نفس الأمارات الواردة في كثير من الأطراف، فحتّى لو كان النظر مجموعيّاً، كان لازم ما ادّعاه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المقام أنّ المعلوم بالعلم الكبير أكثر من المعلوم بالعلم الصغير؛ لأنّ المعلوم بالعلم الكبير في مثل باب الصلاة لا يمكن أن يكون أقلّ من المعلوم بالعلم الصغير فيه، فإذا ضمّ إلى المعلوم بالعلم الكبير في مثل باب الضمان الذي فرض أكثر من المعلوم بالعلم الصغير فيه كان مجموع ما في العلم الكبير أكثر من مجموع ما في العلم الصغير.