المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

306

جريان الأصل في الطرف الآخر فرع تنجيز الأمارة لخصوص ذلك الطرف، سواء فرض التعبّد بعدم العلم الإجماليّ أو لا، أي: أنّه لو فرض جريان الأصل في ذلك الطرف في نفسه، فلا محالة يقع التعارض والتساقط، ولا ينفعه التعبّد بعدم العلم؛ لأنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لتنجيز الجامع ولا يمكن دفع تنجيزه بالتعبّد بعدم العلم، ولو فرض عدم جريان الأصل فيه في نفسه لتنجيز الأمارة جرى الأصل في الطرف الخالي عن الأمارة بلا معارض، ولا يضرّه العلم الإجماليّ؛ لأنّه لا يمنع عن جريان الأصل الواحد، ولذا لا يختصّ الانحلال بالأمارة بمبنى جعل العلم والطريقيّة في الأمارة، فتحصّل: أنّ ضمّ التعبّد بعدم العلم الإجماليّ إلى تنجيز الأمارة لأحد الطرفين ضمّ للحجر إلى جنب الإنسان؛ إذ لو لم يثبت هذا التنجيز لم ينفعنا التعبّد بعدم العلم، ولو ثبت هذا التنجيز كفى ذلك في صحّة جريان الأصل الآخر بلا حاجة إلى التعبّد بعدم العلم.

وثانياً: لو سلّمنا أنّ العلم الإجماليّ بنفسه يقتضي سقوط الأصل حتّى لو اختصّ بطرف واحد، وتكلّمنا على مباني التعبّد بطريقيّة الأمارة قلنا: إنّ التعبّد بشيء لا يسري إلى لوازم ذلك الشيء؛ إذ بالإمكان كون ملاك التعبّد مختصّاً بذلك الشيء وغير ثابت في لوازمه، وفي المقام يكون إسقاط التنجيز في الطرف الخالي عن الأمارة مبنيّاً على إسراء التعبّد من الشيء إلى بعض لوازمه؛ وذلك لوجهين:

الأوّل: أنّ انتفاء الشكّ في أحد الأطراف ليس بنفسه انحلالاً للعلم الإجماليّ، وإنّما هو ملزوم لانحلاله؛ لأنّ العلم الإجماليّ ليست أركانه حقيقة عبارة عن العلم بالجامع مع الشكوك في الأطراف، وإنّما الشكوك في الأطراف من لوازم العلم الإجماليّ، والعلم الإجماليّ عبارة عن العلم بالجامع بحدّه الجامعيّ، فزوال الشكّ في بعض الأطراف يلزمه زوال العلم بالجامع بحدّه الجامعيّ، وليس التعبّد بالأوّل مستلزماً للتعبّد بالثاني.