المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

307

والثاني: أنّنا لو سلّمنا أنّ الشكوك واحتمالات الانطباق في الأطراف هي أركان للعلم الإجماليّ، وقد زال أحد هذه الأركان تعبّداً، وهو الشكّ في الطرف الذي قامت عليه الأمارة، قلنا: إنّ تنجّز الطرف الآخر لم يكن أثراً لهذا الركن، وإنّما كان أثراً للعلم بالجامع مع الشكّ واحتمال الانطباق في ذاك الطرف، والتعبّد بعدم هذا الركن ليس تعبّداً بعدم ركن آخر، والتلازم بين احتمالات الانطباق للجامع المعلوم بحدٍّ قابل للانطباق على تلك الأطراف لا يجعل التعبّد بعدم أحدها تعبّداً بعدم الباقي، لما أشرنا إليه من أنّ التعبّد بشيء لا يسري إلى لوازم ذلك الشيء.

وقد تحصّل بما ذكرنا: أنّه لا مجال فيما نحن فيه لدعوى انحلال العلم الإجماليّ بالأمارات انحلالاً حقيقيّاً تعبّداً.

بقي الكلام في انحلاله بها انحلالاً حكميّاً، فنقول: إنّ ما مضى من تقريبي الانحلال للعلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ يأتيان هنا:

أمّا تقريب الانحلال بقطع النظر عن الاُصول الشرعيّة لو تمّ ـ لاستحالة اجتماع منجّزين على طرف واحد، وهما العلم الإجماليّ والعلم التفصيليّ ـ فلأنّه فيمانحن فيه أيضاً يكون المفروض منجّزيّة الأمارة، فيلزم اجتماع منجّزين على طرف واحد(1).

وأمّا تقريب الانحلال بالاُصول الشرعيّة، فلأنّه هنا أيضاً قد بقي الأصل في الطرف غير المنجّز بالأمارة خالياً عن المعارض، لعدم جريان الأصل في الطرف الآخر.



(1) وكذلك يأتي في المقام تقريب الانحلال بدعوى أنّ ما عدا الواحد تحت التأمين، فإذا تنجّز واحد بعينه تعيّن الآخر للتأمين؛ إذ لو لم يكن الآخر تحت التأمين لم يصدق كون ما عدا الواحد تحت التأمين.