المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

309

متضادّان في أنفسهما قبل الوصول كالحكمين الواقعيّين؛ إذ لا يمكن اجتماع شدّة الاهتمام وعدمها في وقت واحد، فبوجدان الأمارة نكشف عن عدم ثبوت أصل البراءة من أوّل الأمر(1).

 


(1) وليس المقصود بهذا الكلام أنّه لو كانت الأمارة الحجّة ثابتة في علم الله على التكليف لم يعقل جعل المؤمّن الظاهريّ الراجع إلى عدم الاهتمام بالتكليف؛ لأنّ المفروض اهتمام المولى بالتكليف بمقتضى الأمارة رغم عدم وصولها، بل المقصود بذلك أنّه بعد أن اختلطت الأهداف الإلزاميّة وغيرها في موارد الشبهات فقد اهتمّ المولى بأهدافه الإلزاميّة في موارد ثبوت الأمارة ولم يهتمّ بها في غير موارد الأمارة، ولذا جعل الحكم الترخيصيّ الظاهريّ في موارد عدم الأمارة ولم يجعله في موارد الأمارة، وفي طول جعله للترخيص الظاهريّ في موارد عدم الأمارة وعدم اهتمامه بأهدافه الإلزاميّة فيها وقع خلط آخر بين أهدافه المهمّة في موارد الأمارة وأهدافه غير المهمّة في غير موارد الأمارة، حيث شككنا في وجود الأمارة وعدمها، ومن المعقول افتراض أنّ المولى في هذه المرحلة لا يهتمّ بأهدافه، ويجعل الحكم الترخيصيّ الظاهريّ سواء كان بلسان استصحاب عدم ورود الأمارة، أو بلسان البراءة ابتداءً، إلاّ أنّ هذا الترخيص وعدم الاهتمام ـ كما ترى ـ إنّما هو في طول الترخيص وعدم الاهتمام بالأهداف في موارد عدم الأمارة؛ إذ لو كان المولى مهتمّاً بأهدافه الإلزاميّة حتّى في موارد عدم الأمارة لم يكن الشكّ في ثبوت الأمارة وعدمها موجباً للخلط بين أهدافه المهمّة في موارد الأمارة وأهدافه غير المهمّة في غير موارد الأمارة؛ لأنّ المفروض الاهتمام بها جميعاً.

وبما ذكرناه يتّضح: أنّه لا يرد على سيّدنا الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) في المقام: أنّ الترخيص الظاهريّ كان ثابتاً في موارد الأمارة قبل العثور عليها ولو في مرحلة ثانية، فهو يعارض الترخيص في غير موارد الأمارة، وتعدّد المرحلتين لا يرفع التعارض، فإنّ الجوابعلى