المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

311

 

الاحتياط الشرعيّ

وأمّا المقام الثاني: وهو إثبات الاحتياط عن طريق النقل فقد استدلّ لإثبات الاحتياط شرعاً بالكتاب تارةً، وبالسنّة اُخرى:

 

الاحتياط في الكتاب الكريم

أمّا الكتاب: فقد استدلّ بآيات منه:

الآية الاُولى: قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِين﴾(1).

وتقريب الاستدلال بها: أنّها نهت عن الاقتحام في التهلكة والتعريض لها، والاقتحام فيما يحتمل كونه مخالفة للّه ـ سبحانه وتعالى ـ اقتحام في التهلكة وتعريض لها، فيحرم بمقتضى إطلاق الآية، فيثبت وجوب الاحتياط.

أقول: إنّ هذه الآية يوجد فيها احتمالان:

الأوّل: كونها ناظرة إلى المخاطبين بالنظر الأفراديّ، وأن يكون المراد بالتهلكة أيضاً ـ باعتبار ظهور الآية في وحدة اللحاظ في جانب الموضوع والمحمول ـ هو التهلكة بالنظر الأفراديّ، فكلّ شخص يحرم عليه إلقاء نفسه بما هو فرد من الأفراد في التهلكة.

والثاني: كونها ناظرة إليهم بالنظر المجموعيّ، فتلحظ التهلكة أيضاً باللحاظ المجموعيّ، والتعريض للهلاك باللحاظ المجموعيّ يختلف عنه باللحاظ الأفراديّ، فالجهاد مثلاً يكون بلحاظ الأفراد تعريضاً للهلاك، وأيّ إلقاء في



(1) سورة البقرة، الآية: 195.