المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

316

يقبله الفهم العرفيّ بالنسبة للآية، فلابدّ من حملها على الإرشاد إلى ما هو المقتضي للطاعة في كلّ مورد بحسبه، فكأنّ هذا تنبيه عامّ للانسياق والسعي وراء المحرّكات المولويّة كلّ محرّك بحسب طبيعته ومقتضياته.

على أنّه لو تمّت دلالة الآية فدليل البراءة الشرعيّة يقدّم عليها بالأخصّيّة.

الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُول﴾(1). وتوهّم الاستدلال بها مبنيّ على تخيّل أنّ الأمر بالردّ إلى الله والرسول كناية عن الأمر بالتوقّف والتريّث المساوق لعدم الاقتحام.

إلاّ أنّ الصحيح: أنّ الآية الكريمة أجنبيّة عن محلّ الكلام بلحاظ موضوعها ومحمولها:

أمّا بلحاظ موضوعها، فلأنّ موضوعها هو المنازعة المساوقة للمخاصمة لا الشكّ الذي هو موضوع وجوب الاحتياط، سواء خصّصنا المنازعة في هذه الآية بالمنازعة في الموضوعات الخارجيّة وبتنظيمات سياسيّة ومدنيّة للمجتمع من قبيل التنازع في مسكن قبيلة، أو انتخاب أمير للجيش ونحو ذلك، أو عمّمناها للمنازعة في الاُمور التشريعيّة من قبيل أنّه هل يكون للشريك حقّ الشفعة لو باع شريكه حصّته على غيره أو لا؟ ولم يؤخذ فيه شكّ من قِبل المتنازعين في مطلب حتّى يكون الموضوع من سنخ موضوع وجوب الاحتياط.

وأمّا بلحاظ محمولها، فلأنّ الأمر بالردّ إلى الله والرسول في الآية الكريمة ليس إلاّ بمعنى الأمر بتحكيم الله وتحكيم الشريعة في شؤون الحياة، وعدم جواز حكومة الناس على أنفسهم، وهذا أمر مفروغ عنه، ومن ضروريّات الإسلام، ولا نزاع فيه بين المحدّثين والاُصوليّين، وإنّما النزاع وقع في أنّه ما هو حكم الشريعة



(1) سورة 4 النساء، الآية: 59.