المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

318

ويحذر من عقاب وخطر، فملاك التقوى يجب أن يكون مفروغاً عنه في المرتبة السابقة، فالأمر به ـ لا محالة ـ يكون إرشاديّاً، ولا يدلّنا هذا الأمر على موارد تحقّق موضوعه، وإنّما يجب أن يستفاد ذلك من الخارج.

الآية الخامسة: قوله تعالى: ﴿لاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم﴾(1) ونحوها من الآيات التي تجعل رادعة عن القول بغير علم، بدعوى أنّ القول بالبراءة قول بغير علم.

أقول: إنّ كلاًّ من الاُصوليّ والأخباريّ إن أراد في المقام دعوى الإباحة الواقعيّة، أو الحرمة الواقعيّة، فكلاهما قد قالا بغير علم، وذلك حرام، ولا نزاع في حرمته. وإن أراد دعوى الحكم الظاهريّ الشرعيّ بالبراءة أو الاحتياط، فلا نزاع أيضاً في أنّ ذلك لابدّ أن يكون مأخوذاً من الشارع، فإن لم يؤخذ منه كان قولاً بغير علم وكان حراماً، وإن اُخذ منه لم يكن كذلك، وكلّ منهما يدّعي أنّ مختاره مأخوذ من الشارع. وإن أراد دعوى البراءة العقليّة أو الاحتياط العقليّ، فهذا لا يشتمل على نسبة أمر إلى الشارع، وإنّما بيّن كلّ منهما ما يدركه عقله العمليّ، ولم يقل ذلك من دون علم، والآيات أجنبيّة عن ذلك.

 

الاحتياط في الأخبار

وأمّا السنّة: فقد استدلّ بعدد كبير من الروايات على وجوب الاحتياط شرعاً، وأنا حتّى الآن لم أرَ فيها حديثاً تامّ السند ينبغي توهّم دلالته على وجوب الاحتياط.

 

ضعف الدلالة في عدد من الأخبار:

وعلى أ يّة حال، فهناك نقاط ثمان بالالتفات إليها يتّضح بسهولة عدم تماميّة



(1) سورة 17 الإسراء، الآية: 36.