المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

319

دلالة جملة كبيرة ممّا استدلّ بها على المقصود:

النقطة الاُولى: أنّ جملة من تلك الروايات ليست فيها رائحة الإلزام أصلاً، إن ثبت كونها واردة في محلّ الكلام موضوعاً ومحمولاً، وذلك من قبيل:

1 ـ المرسلة المرويّة عن الصادق(عليه السلام) قال: «من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه»(1).

فهذا الحديث ـ كما ترى ـ لم يبيّن الكبرى وهي وجوب الاستبراء للدين، ومجرّد معرفة كون اتّقاء الشبهات استبراء للدين لا يثبت وجوب ذلك الاتّقاء.

2 ـ ما في أمالي ابن الشيخ الطوسيّ(قدس سره) بسند ينتهي إلى الإمام الرضا(عليه السلام) يقول: إنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لكميل بن زياد: «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت»(2).

فالاحتياط وإن وقع في هذا الحديث متعلّقاً للأمر إلاّ أنّه بقرينة توكيل مقدار الاحتياط إلى مشيئة المكلّف يفهم أنّ المقصود هو الأمر الاستحبابيّ؛ إذ لا معنى لكون المقدار الواجب موكولاً أمره إلى المكلّف من حيث الزيادة والنقصان، إذن فكأنّ الحديث في مقام بيان أنّ الدين كالأخ أمر مهمّ، فبأيّ مرتبة تحتاط من أجله فهو أمر حسن، كما أنّ الاحتياط من أجل الأخ بأيّ مرتبة بلغ فهو أمر حسن، ولا أقلّ من الإجمال، بمعنى أنّ في الحديث احتمالين: أحدهما ما ذكرناه، والآخر كون تعليق المقدار على المشيئة كنائيّاً لا بمعناه المطابقيّ، وذلك نظير قولك: (هذا أخوك، فإن شئت فاحفظه).



(1) ورد نقلها عن الصادق(عليه السلام) في جامع أحاديث الشيعة، ج 1، ب 8 من المقدّمات، ح 28، ص 331 بحسب الطبعة الجديدة، ولكن ورد الحديث في الوسائل عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وذلك في ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 57، ص 127.

(2) الوسائل، ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 41، ص 123.