المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

321

أبي عبد الله(عليه السلام) بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعاً منها قال له: «كف واسكت»، ثمّ قال أبو عبد الله(عليه السلام): «لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ عنه والتثبّت والردّ إلى أئمّة الهدى حتّى يحملوكم فيه على الحقّ، ويجلوا عنكم فيه العمى، ويعرّفوكم فيه الحقّ، قال الله: ﴿فَاسْأَ لُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون﴾»(1)، فهذا الحديث يمكن حمله على ذاك المعنى، حيث أمر بالتثبّت، بمعنى أنّه ردع عن الانسياق وراء الطرق الباطلة في مقام استنباط الأحكام التي وضعها غير علماء أهل البيت(عليهم السلام)، وأمر بالرجوع إلى أهل البيت(عليهم السلام)، فهذا أيضاً في مقام بيان حصر المرجعيّة في بيان الحلال والحرام بالأئمّة(عليهم السلام)، وعدم وجود مرجع آخر من اجتهاد، أو تشهٍّ، أو ذوق، أو استحسان، ونحو ذلك من المراجع الباطلة، وهذا خارج عن محلّ الكلام.

النقطة الثالثة: أنّ جملة من الروايات واردة في فرض وجود الإمام(عليه السلام)والتمكّن من مراجعته، فلو فرض أنّها دلّت على نفي البراءة لما أضرّنا ذلك؛ إذ لا يدّعي أحد جريان البراءة مع التمكّن من الفحص وتحصيل العلم، وشرط البراءة هو اليأس من الظفر. ومن هذا القبيل مقبولة عمر بن حنظلة حيث فرض فيها تعارض الروايتين، وذكر المرجّحات حتّى إذا استوى المتعارضان قال: «أرجه حتّى تلقى إمامك»(2)، فإن فرض أنّ قوله: «أرجه» يكون أمراً بالتوقّف والاحتياط في مقام العمل، وإلغاء أصالة البراءة لم يضرّنا ذلك؛ لأنّ ظاهر الغاية وهو قوله: «حتّى تلقى إمامك» أنّ محلّ الكلام هو مورد التمكّن من لقاء الإمام(عليه السلام).

النقطة الرابعة: أنّ بعض تلك الروايات مسوقة مساق وجوب الفحص والأمر



(1) سورة 16 النحل، الآية: 43.

(2) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 1، ص 76.