المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

322

بالتعلّم، وأنّ الجاهل لا يسعه أن يقول: لا أعلم؛ إذ يقال له: لماذا لم تتعلّم(1). وأمّا أنّه لو فحص ولم يجد فماذا يصنع؟ فهذه الروايات ساكتة عن ذلك، فهي غير مربوطة بما نحن فيه.

النقطة الخامسة: أنّ بعض الروايات مسوقة مساق تحريم القول بغير علم، والالتزام بما لا يعلم به من قبيل بعض الآيات المتقدّمة، وهذا أيضاً خارج عن محلّ الكلام؛ لأنّ الكلام ليس في أنّ الاُصوليّ يلتزم بالإباحة الواقعيّة مع أنّه لا يعلم بها، بل هو يلتزم بمقدار ما يعلم، وهو الإباحة الظاهريّة. فمن هذا القبيل خبر زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا»(2). وكذلك خبر عليّ بن الحسين(عليه السلام): قال لأبان بن عيّاش: «يا أخا عبد قيس، إن وضح لك أمر فاقبله، وإلاّ فاسكت تسلم، وردّ علمه إلى الله، فإنّك أوسع ممّا بين السماء والأرض»(3).

النقطة السادسة: أنّ بعض الروايات تدلّ على حرمة الجري والحركة بلا علم من قبيل قوله: «مَن هجم على أمر بغير علم جدَع أنف نفسه»(4). وليس معناه من هجم على أمر مشكوك، وإنّما معناه الهجوم بغير علم ـ أي: أن لا يستند هجومه إلى علم وركن وثيق ـ فمن كان كذلك كان كمن جدع أنف نفسه؛ لأنّه عرّض نفسه للخطر والضرر، وهذا تنبيه إلى ما يستقلّ به العقل، ولا نزاع فيه من أنّ الإنسان في



(1) راجع جامع أحاديث الشيعة، ج 1، ب 1 من المقدّمات خاصّة، الحديث 25،ص 94 بحسب الطبعة الجديدة.

(2) الوسائل، ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 11، ص 115.

(3) المصدر السابق، ح 35، ص 122.

(4) اُصول الكافي، ج 1، كتاب العقل والجهل، ح 29، ص 27، أواخر الحديث.