المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

323

حركته يجب أن يستند إلى العلم دائماً، والاُصوليّ في اقتحامه في الشبهات التحريميّة يستند إلى العلم بالإباحة عقلاً أو شرعاً.

النقطة السابعة: أنّ من جملة الروايات ما لم يؤخذ في موضوعه عنوان الشبهة والشكّ في التكليف، من قبيل مطلقات قوله: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(1)، فإنّ هذا المطلق في نفسه لم يؤخذ في موضوعه أن يكون الريب من ناحية التكليف الشرعيّ، إذن فلابدّ أن يفهم ما بيّن في اللفظ، وعندئذ من المحتمل أن يكون هذا أمراً تعليميّاً مرجعه إلى المخاطرة والمغامرة في شؤون الحياة، فإن كانت مثلاً تجارة الشاي ممّا يريب بخلاف تجارة الحنطة، فلا داعي للتورّط في أمر فيه شكّ وريب، فلعلّه في مقام تأسيس قاعدة من هذا القبيل ولو على نحو الاستحباب، فلا ربط له بمحلّ الكلام.

وبكلمة اُخرى: إنّ هذه القاعدة الواردة في الحديث لم تؤخذ في موضوعها الشبهة الحكميّة التكليفيّة، بل هي قاعدة موضوعها مطلق الشكّ سواء كان في باب الأحكام أو في شؤون الحياة، فتحمل على أنّها قاعدة أخلاقيّة.

بل يمكن أن تذكر نفس النكتة أيضاً في الأوامر التي تعلّقت بعنوان الاحتياط، ولم يؤخذ في موضوعها الشكّ في التكليف، فإنّ الاحتياط وإن كان بحسب المصطلح عبارة عن ترك ما تحتمل حرمته، أو فعل ما يحتمل وجوبه، إلاّ أنّه لا يعلم أنّ مثل هذا الاصطلاح كان مستقرّاً في عصر الأئمّة(عليهم السلام) بحيث إنّ اللفظ انعقد له معنىً ثان وراء معناه اللغويّ الذي يكنّى به عن الاهتمام بالشيء، حيث إنّ وضع الحائط على الأرض اهتمام بالأرض، فالأمر بالاحتياط في الدين هو أمر بالاهتمام في أمر الدين، وهذا لا يكون له اختصاص بموارد الشبهات البدويّة،



(1) الوسائل، ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 38، ص122، وح 55، ص 127.