المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

325

وممّن اؤتمن على أموال المسلمين ودمائهم من قِبل إمام المسلمين، وهذا الشخص هو في مظنّة أن يعامَل بالحسنى، وتقدّم إليه الأموال باعتبار الإغراء والاستهواء، وقضاء بعض المصالح الشخصيّة، وتقديم جانب الأشخاص على جانب الله ممّا يرجع بالآخرة إلى الرشوة ببعض مراتبها وأنحائها، فحيث إنّ الوالي في معرض هذا الأمر فالإمام(عليه السلام) حرّم عليه تناول الإحسان من شخص ما لم يعلم بطيب وجهه، وليس المراد ـ كما يفهم بمناسبة الحكم والموضوع ـ من العلم بطيب الوجه هو ما يقابل الشكّ في غصبيّة المال؛ إذ ليس مراد الإمام(عليه السلام)إلغاء قاعدة اليد بالنسبة للداعي، بل المراد من طيب الوجه هو طيب وجه نفس الإحسان بأن يكون إحساناً له باعتباره رجلاً متديّناً صحابيّاً، لا باعتباره حاكماً آمراً ناهياً، فإذا حصل الشكّ في هذا المطلب باعتبار الأمارة المذكورة في صدر الرواية من أنّ عائلهم مجفوّ وغنيّهم مدعوّ ـ حيث إنّها قرينة ظنّيّة، أو احتماليّة على كون الإحسان بالاعتبار الثاني ـ وجب الاحتياط إمّا وجوباً صادراً منه(عليه السلام)بملاك الولاية باعتباره إماماً مسؤولاً عن حفظ جهات الرعيّة في عصره ومولّياً لعثمان بن حنيف على البصرة، وعليه فيكون هذا الحكم بالاحتياط خاصّاً بولاته، ولا يعمّ جميع ولاة المسلمين غير المنصوبين من قِبله بما هو إمام. وإمّا وجوباً صادراً منه بما هو مبيّن للشريعة، فيكون حكماً كلّيّاً على كلّ حاكم يلي اُمور المسلمين في كلّ زمان وكلّ مكان، لكن لايقاس على هذا المورد غيره، خصوصاً أنّ الشبهة موضوعيّة، ولا إشكال في عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعيّة في غير هذا المورد.

ومن هذا القبيل أيضاً رواية اُخرى وردت عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في رسالته إلى مالك الأشتر(1) قال: «ثمّ اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك...»



(1) المصدر السابق، ح 18.