المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

329

فيوجب ذلك الإغراء والتدليس، كما هو الحال في كثير من الدعوات الباطلة التيظاهرها يشبه الحقّ وواقعها انحراف وضلال، كالدعوة الوهّابيّة المعنونة بعنوان الدعوة إلى التوحيد الخالص ورفض الشرك بتمام ألوانه الجليّ منه والخفيّ، وهذا الظاهر هو عين الحقّ، إلاّ أنّ واقع الدعوة ومضمونها منحرف ومفرغ للإسلام من معانيه، أي: سالخ له عن تمام مضمونه الحقيقيّ وإن كان بعنوان التحفّظ على مضمونه الحقيقيّ، وكالدعوة الماسونيّة التي هي بظاهرها معنونة بعنوان الدعوة إلى التآخي بين بني الإنسان وأفراد النوع البشريّ، وأنّ الناس إخوة في العبوديّة للّه، إلاّ أنّ مثل هذه الدعوة ـ بحسب ما يظهر من أمارات ـ لا يراد بها تحقيق هذا الظاهر الصحيح، وإنّما هو مطلب منحرف صيغ بهذه الصياغة الظاهريّة اُريد به إلغاء إطار الأديان وتعويضها بإطار آخر.

وفي بعض الروايات قيل بأنّ الشبهة من الشيطان(1)، وهذا أيضاً يؤيّد المقصود، فإنّ الشبهة التي هي من الشيطان إنّما هي الشبهة بهذا المعنى، لا الشبهة بمعنى الشكّ، نعم قد يكون الشكّ أيضاً بمعنى أعمّ من الشيطان، باعتبار أنّ الشكّ في الحكم الشرعيّ ينشأ بالآخرة من أنّ الغاصبين للخلافة منعوا الأئمّة(عليهم السلام) من التصدّي لبيان الأحكام، وهؤلاء قد أغواهم الشيطان ففعلوا ما فعلوا، إلاّ أنّه لا ينساق من هذا الحديث هذا المطلب، بل المنساق منه ما هو المركوز في الذهن من عمل الشيطان الذي يوسوس ويدلّس، ويظهر الشيء بغير مظهره.



(1) لعلّه إشارة إلى الحديث 49 من الباب 12 من صفات القاضي، ج 18 من الوسائل الصفحة 125: (أنّ هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترّهم بالشبهة...)، ولعلّه إشارة إلى الحديث الآتي بعد أسطر.