المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

332

هلكة، وعلى هذا الاحتمال يجب أن يحمل الحديث أيضاً على ما حملناه عليه سابقاً، من أنّ هذه الشبهة تكون من قبيل الدعاوى الباطلة المهلكة بنفسها، من باب أنّ الدخول في مطلب من هذا القبيل ـ ولو فرض معذوراً من أوّل الأمر فلا يهلك من ناحية منجّزيّة الاحتمال ـ يؤدّي بالتدريج إلى الانحراف والضلال، والبعد عن طريق الهدى، والمعاندة مع الحقّ، والتعصّب للباطل مع حصول العلم بكونه باطلاً.

هذه نكات ثلاث تكفي واحدة منها لرفع اليد عن دلالة هذه الرواية. إلاّ أنّ الاُصوليّين كأنّهم أخذوا كلّ هذه الجهات مفروغاً عنها، وفهموا من الرواية ما يناسب اُنسهم الذهنيّ بالمصطلحات الاُصوليّة، فلم يعترضوا عليها بمثل هذه الاعتراضات، بل اعترضوا عليها باعتراض آخر.

وحاصل ما أفادوه هو أنّ ظاهر هذه الرواية هو فرض الهلكة في المرتبة السابقة على الأمر بالوقوف عند الشبهة، ولذا علّلت الأمر بالوقوف بأنّ المورد من مظانّ الهلكة، وعليه فيستحيل أن يكون الأمر بالوقوف أمراً مولويّاً منجّزاً للواقع، فإنّ الأمر المولويّ المنجّز للواقع يترتّب عليه الهلكة، لا أنّه يعلّل بالهلكة ويترتّب على ثبوتها في المرتبة السابقة، إذن فيختصّ الأمر بالوقوف بموارد تنجّز الواقع في المرتبة السابقة عليه وبقطع النظر عنه، فلا يشمل الشبهات البدويّة بعد الفحص؛ لأنّه بقطع النظر عن هذا الأمر تكون تلك الشبهات مورداً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

واعترض على هذا الإشكال بأنّ هذا الحديث يدلّ بالمطابقة على ثبوت الهلكة في موارد الشبهة الشاملة بالإطلاق للشبهات البدويّة، كما لو قيل: (لا تأكل الرمّان لأنّه مضرّ)، فإنّه بإطلاقه يدلّ على شمول النهي لجميع أفراد الرمّان، وأنّ علّة النهي ـ وهي الإضرار ـ ثابتة في جميع الأفراد، وكذلك الأمر فيما نحن فيه، فهذا