المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

333

الحديث بإطلاقه يدلّ على أنّ النهي الإرشاديّ شامل لجميع أفراد الشبهة، وأنّ علّته وهي ثبوت الهلكة في المرتبة السابقة ثابتة في تمام الأفراد، وحيث إنّ الهلكة لا تكون في الشبهة البدويّة إلاّ بجعل وجوب الاحتياط، إذن نستكشف من ذلك بالالتزام جعل وجوب الاحتياط شرعاً في المرتبة السابقة، وذلك من باب الكشف الإنّيّ ودلالة المعلول على علّته.

واُجيب على هذا الاعتراض بأنّ إيجاب الاحتياط بوجوده الواقعيّ ليس كافياً في ترتّب الهلكة عليه، وإنّما المصحّح للهلكة والعقاب هو وصول إيجاب الاحتياط إلى المكلّف واطّلاعه عليه. وأمّا إذا وجد وابتلى بنفس ما ابتلي به الحكم الواقعيّ من تعسّر الوصول فحاله حال نفس الحكم الواقعيّ في عدم التنجّز، وعليه فإمّا أن نفرض ـ بقطع النظر عن هذا الحديث ـ وصول إيجاب الاحتياط إلى المكلّف في المرتبة السابقة أو لا، فإن لم يصل إيجاب الاحتياط في المرتبة السابقة فنحن قاطعون بعدم علّة الهلاك، فكيف نستكشف ذلك بالدلالة الالتزاميّة؟ وإن وصل ذلك في المرتبة السابقة فهو المثبت لمدّعى الأخباريّ في المرتبة السابقة على هذا الحديث ولم يبق أثر لهذا الحديث.

واعترض على ذلك بأنّنا نستكشف بالدلالة المطابقيّة للأمر بالوقوف عند الشبهة ـ معلّلاً بأنّه خير من الاقتحام في الهلكة ـ فعليّة الهلكة في حقّ اُولئك الجماعة الذين خاطبهم الإمام(عليه السلام) بهذا الحديث، وبالدلالة الالتزاميّة نستكشف علّة هذه الهلكة، وهي وصول وجوب الاحتياط إليهم، فإذا ثبت وصول وجوب الاحتياط إليهم وجعله في حقّهم ثبت جعله في حقّنا أيضاً؛ لعدم احتمال الفرق بين بعض أفراد المكلّفين وبعض آخر في وجوب الاحتياط في الشبهات البدويّة وعدمه.

وقد اُجيب على هذا الاعتراض أيضاً. وهنا نذكر المحقّق العراقيّ(رحمه الله)فقد أفاد