المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

339

 

أخبار التثليث:

وأمّا الطائفة الثانية ـ وهي أخبار التثليث ـ: فالذي عثرنا عليه ثلاث روايات، أو أربع:

الرواية الاُولى: رواية الفقيه عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):..... ـ وهو كلام طويل يقول في آخره ـ: «الاُمور ثلاثة: أمر بيّن لك رشده فاتّبعه، وأمر بيّن لك (وفي نسخة اُخرى: تبيّن لك) غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فردّه إلى الله»(1). وسند الرواية غير تامّ، وعلى تقدير تماميّته لا تفيد المقصود، لعدم تماميّة الدلالة؛ وذلك لوجوه:

الأوّل: أنّ من المحتمل ـ إن لم يكن هو الظاهر ـ أن تكون الرواية في مقام بيان إمضاء العقل العمليّ في مستقلاّته، وبيان مبدأ حاكميّة الله في غير المستقلاّت العقليّة، فإنّ الأقسام المذكورة في الرواية ليست هي بيّن الحرمة وبيّن الحلّيّة والمشتبه، بل هي بيّن الرشد، وبيّن الغيّ، والمختلف فيه، وعنوان الرشد والغيّ أنسب بباب الحسن والقبح والهداية والضلال منه بباب الحلّ والحرمة بوجودهما الواقعيّ، ولا أقلّ من احتمال ذلك بنحو كاف في إجمال الرواية، فلعلّ المقصود منها أنّه ما استقلّ عقلك برشده وحسنه، كالعدل والأمانة مثلاً فاتّبعه، وما استقلّ عقلك بغيّه وقبحه، كالظلم والخيانة مثلاً فاجتنبه، و ما اختلف فيه، أي: لم يكن من



(1) الوسائل، ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 23، ص 118، وللصدوق حديث مرسل عن أمير المؤمنين(عليه السلام)فيه: «حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات»، وهو ح 22 من نفس الباب ونفس الصفحة، وح 61 من نفس الباب، ص 121. وراجع أيضاً ح 47 من نفس الباب، ص 124، فإنّه أيضاً من أخبار التثليث وقد مضى جزء منه.