المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

340

مسلّمات العقل العمليّ ولم تدرك حسنه أو قبحه إدراكاً جزميّاً، فردّه إلى الله، بمعنى تحكيم الله فيه في قبال الاعتماد على الذوق والاستحسان والظنون والتخمينات.

الثاني: أنّنا لو سلّمنا أنّ المراد بالرشد والغيّ هو الرشد والغيّ الشرعيّان بمعنى الحكم الشرعيّ، لا بمعنى الحسن والقبح العقليّين، فأيضاً لا تدلّ الرواية على المقصود؛ إذ من المحتمل كونها بصدد بيان حجّيّة الإجماع وعدم جواز التقليد في المسائل الخلافيّة. وتوضيح ذلك: أنّه في بادئ الأمر يُرى أنّ ما في الحديث من التقسيم إلى بيّن الرشد، وبيّن الغيّ، والمختلف فيه غلط؛ إذ لا تقابل بين المختلف فيه وبيّن الرشد والغيّ، فربّ شيء يكون مختلفاً فيه لكنّه بيّن لي رشده من قبيل إمامة أمير المؤمنين(عليه السلام)، أو بيّن لي غيّه من قبيل خلافة الغاصبين، وبما أنّ التقسيم ظاهر في التقابل فلابدّ من إعمال إحدى مؤونتين لتصحيح هذا التقسيم:

الاُولى: حمل الاختلاف على الطريقيّة إلى الشكّ، فكنّى عن الأمر المشكوك بأمر اختلف فيه، من باب أنّ خلافيّة المسألة تصير غالباً منشأً للشكّ.

والثانية: حمل بيّن الرشد وبيّن الغيّ بقرينة جعلهما في مقابل الاختلاف على أمر متّفق على رشده وأمر متّفق على غيّه، فكنّى عن الاتّفاق بالوضوح باعتبار أنّ الاتّفاق يصير منشأً للوضوح، والاستدلال الأخباريّ إنّما يكون له مجال بناءً على الأوّل. وأمّا على الثاني فيصير معنى الحديث أنّه ما حصل الاتّفاق على رشده أو غيّه فاعمل فيه بالإجماع، وما كان مختلفاً فيه فلا تقلّد فيه أحد الطرفين، بل ردّه إلى الله، واستنبط حكمه من الكتاب والسنّة، وهذا أجنبيّ عمّا نحن فيه، ودوران الأمر بين المؤونتين، وعدم ثبوت ظهور في المعنى الأوّل كاف في سقوط الرواية عن درجة الاستدلال بها.

الثالث: أنّنا لو سلّمنا تعيّن المؤونة الاُولى وحمل المختلف فيه على المشكوك،