المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

341

قلنا: إنّه لم يعبّر في الحديث ببيّن الحلّ والحرمة ومشكوكهما، وإنّما عبّر ببيّن الرشد والغيّ ومشكوكهما، ومن المعلوم أنّ دليل البراءة حاكم على مثل هذا الكلام؛ إذ قيام الدليل الشرعيّ على البراءة في الشبهة البدويّة كاف في صدق الرشاد، فإنّ سلوك طريق رخّص فيه الشارع رشاد بلا إشكال وليس فيه ضلال، نعم لا يصير المورد بذلك بيّن الحلّ، وفرق بين بيّن الحلّ وبيّن الرشد.

الرواية الثانية: ما رواه نعمان بن بشير الذي هو أحد الصحابة المنحرفين عن الحقّ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وهذه الرواية مرويّة بصورتين، ولهذا قلنا منذ البدء: إنّ ما عثرنا عليه من الروايات ثلاث أو أربع.

الصورة الاُولى: أنّه قال هذا الصحابيّ: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «حلال بيّن، وحرام بيّن، وبينهما شبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، وإنّ حمى الله محارمه»(1).

الصورة الثانية: عن النعمان بن بشير، حيث صعد على المنبر في الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «إنّ لكلّ ملك حمى، وإنّ حمى الله حلاله وحرامه والمشتبهات بين ذلك، كما لو أنّ راعياً رعى إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات»(2).

وعلى أيّة حال، فهذه الرواية عاميّة بحسب أصلها؛ لأنّ النعمان بن بشير هو من



(1) مستدرك الوسائل، ج 3، ب 12 من صفات القاضي، ح 7، ص 190، مرسلة عوالي اللآلي عن النعمان بن بشير.

(2) الوسائل، ج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 40، ص 122، وجامع أحاديث الشيعة، ج 1، ب 8 من المقدّمات، ح 43، ص 334 وفق الطبعة الحديثة.