المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

343

هذا. والمستفاد من المتن الثاني الذي نقلناه عن البخاريّ وإن كان هو إرادة الشكّ من الشبهات، لكن هذا بلحاظ باقي نسخ الرواية غير معلوم، بل تعريف الحلال والحرام ـ أي: ذكرهما مع اللام ـ يشهد للخلاف، فإنّه إذا كان الحلال بيّناً والحرام بيّناً ـ كما هو مفروض الرواية، ولعلّه بلحاظ عصر التشريع الذي لا إشكال في أنّ هذا الوضوح كان ثابتاً فيه ـ فما معنى فرض شبهات بينهما لا يعلمها كثير من الناس على حدّ تعبير المتن الأوّل للحديث الذي نقلناه عن البخاريّ؟ فإنّ هذا خلف فرض وضوح كلّ من الحلال والحرام، وحلّ هذا التناقض يكون بإبداء احتمال أن يكون المراد بالشبهات المعنى الذي تقدّم في أخبار التوقّف، وهو الأمثال والأشباه، فكأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) يقسّم الحكم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: الحلال بمعنى الرخصة ولو فرضت مقرونة مع نهي تنزيهيّ.

والثاني: الحرام.

وهذان الأمران ـ أعني: الرخصة والنهي التحريميّ ـ بيّنان.

والثالث: ما يكون بحسب الثبوت مرتبة ثالثة متوسّطة، وهو النهي التنزيهيّ، وذلك لا يعلمه كثير من الناس؛ لعدم الاهتمام وتوفّر الدواعي بالنسبة له، كما في الرخصة والنهي التحريميّ، وارتكاب هذا القسم وإن كان بما هو هو ليس فيه محذور نفسيّ لأنّه ليس حراماً، لكن من ارتكبه أوشك أن يقع في الحرمات باعتبار أنّ ارتكاب المكروهات يوجب التجرّي على المحرّمات وقسوة القلب وعدم الخضوع للنواهي الشرعيّة، فيشبّه بالراعي حينما يرعى حول الحمى فيوشك أن يقع في الحمى، وبناءً على هذا التفسير تكون الرواية أجنبيّة عن محلّ الكلام.

هذا وإذا أخذنا الحديث بالنحو الموجود في مصادر أصحابنا، أي: أنّه فرضنا كلمة الحلال والحرام منكّرة وبدون اللام، ونزّلنا الحديث على التقسيم الثلاثيّ للوقايع إلى معلوم الحلّيّة، ومعلوم الحرمة، ومشكوكهما، كما أنّ المتن الثاني الذي نقلناه عن