المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

346

الرواية الثالثة: ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة(1) التي فرض فيها روايتين متعارضتين، فبيّن الإمام(عليه السلام)المرجّحات لإحداهما على الاُخرى حتّى انتهى إلى الترجيح بالشهرة، وقد بيّنّا في بحث حجّيّة الشهرة أنّ المراد بالشهرة في هذه الرواية هي الشهرة الروائيّة، ثمّ عللّ ذلك بقوله: «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» بمعنى أنّ الرواية المجمع على روايتها لا ريب فيها، ولم يصرّح بحال الرواية الاُخرى الشاذّة، إلاّ أنّنا ذكرنا أيضاً في بحث الشهرة: أنّ الرواية الاُخرى تكون ممّا فيها الريب، لا أنّها ممّا لا ريب في بطلانها، ثمّ قال(عليه السلام): «إنّما الاُمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فمتّبع، وأمر بيّن غيّه فمجتنب، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله»، فالرواية المشهورة ممّا لا ريب فيها، والرواية الاُخرى من الأمر المشكل لا ممّا لا ريب في غيّها وبطلانها؛ لأنّ غاية ما تستدعيه شهرة رواية مّا هو القطع بصدروها من الإمام، لا قطعيّة تمام جهاتها دلالة وجهة وسنداً، فيبقى احتمال صحّة الرواية الاُخرى ثابتاً، وتكون الرواية مشكلة لا معلومة البطلان، مضافاً إلى أنّ الرواية الاُخرى لو كانت معلومة البطلان، والرواية الاُولى المشهورة معلومة الرشد


على الاستحباب. أقول: غاية ما يمكن أن يقال في المقام: إنّ هذه الرواية لم تدلّ على الوجوب؛ لأنّها نظرت إلى الشبهات بلحاظ كونها حمىً للمحرّمات، وهذا لحاظ لا يوجب الوجوب مثلاً. أمّا فرض الوجوب في قسم من الشبهات وهي الحكميّة التحريميّة من زاوية احتمال الحرمة فيها، فهو غير منفيّ بها كي تصبح قرينة على حمل غيرها على الاستحباب.

(1) التهذيب، ج 6، ح 845، ص 301 ـ 303، والفقيه، ج 3، ح 18، ص 6، واُصول الكافي، ج 1، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، ح 10، ص 67 ـ 68.