المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

349

 

الأمر بالاحتياط في وقائع معيّنة:

وأمّا الطائفة الثالثة ـ وهي الآمرة بالاحتياط في وقائع معيّنة ـ: فيمكن إدراج روايتين تحت هذا العنوان:

الرواية الاُولى: رواية عبد الله بن وضّاح قال: كتبت إلى العبد الصالح: (يتوارى عنّا القرص، ويقبل الليل، ويزيد الليل ارتفاعاً، ويستر عنّا الشمس، ويرتفع فوق الجبل حمرة، ويؤذّن عندنا المؤذّن، فاُصلّي حينئذ وأفطر إن كنت صائماً، أو انتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟) فكتب: «أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائط لدينك»(1).

وظاهرالسؤال في هذه الرواية أنّ إشكال السائل في دخول وقت الصلاة والإفطار كان من ناحية هذه الحمرة المرتفعة فوق الجبل، وهذه الحمرة التي صارت منشأً للسؤال فيها احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأوّل: أن تكون هذه الحمرة هي الحمرة التي يبتدئ بها الشفق المقارنة لآخر وجود قرص الشمس، فإنّ قرص الشمس بعد أن يفقد صولته يحاط بلون من النور الباهت، وهذا اللون من النور يسمّى بالحمرة، فهذا السائل رأى حمرة مرتفعة فوق الجبل بعد أن فقد قرص الشمس، فاحتمل أن تكون هذه الحمرة حمرة موجودة بتبع وجود قرص الشمس خلف الجبل، وأنّه إنّما لا يرى قرص الشمس باعتبار مانعيّة الجبل عن رؤيته، وهذا الاحتمال منطبق على عبارة السؤال في الرواية انطباقاً تامّاً، حيث إنّه فرض في السؤال وجود الجبل، ولا ترى



(1) الوسائل، ج 3، ب 16 من المواقيت، ح 14، ص 129، وجاء مختصر منه فيج 18، ب 12 من صفات القاضي، ح 37، ص 122.