المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

350

لفرض وجود الجبل نكتة أحسن من احتمال وجود الشمس خلفه، ولو فرض أنّ المراد بالحمرة هي الحمرة المشرقيّة مثلاً، فهذا لا يفرّق فيه بين الأرض المسطّحة والأرض التي فيها جبل، وكيفيّة التعبير عن غيبوبة القرص أيضاً تناسب هذا الاحتمال، حيث فرض أنّه يتوارى عنّا القرص ويستر عنّا الشمس، ولم يفرض تواري القرص في نفسه واستتاره، وهذا التعبير يناسب الشكّ في أنّ الاستتار هل هو لحائل، أو أنّه استتار في نفسه. وليس مقصودي أنّ هذا التناسب أوجد ظهوراً للكلام في كون المقصود الشكّ في حقيقة الاستتار دون فرض العلم بكونه استتاراً في نفسه، وإنّما المقصود مجرّد أنّ هذا التعبير يلائم هذا الاحتمال تمام الملائمة.

إلاّ أنّ العبارة التي قد يقال: إنّها لا تنسجم مع هذا الاحتمال هي قوله: (ويقبل الليل، ويزيد الليل ارتفاعاً)؛ إذ مع إقبال الليل وزيادته ارتفاعاً كيف يفرض الشكّ في غروب القرص؟

إلاّ أنّ عدم انسجامها مبنيّ على أن يراد بالليل في المقام الزمان. أمّا لو فرض أنّه كنّى عن الظلمة بالليل خصوصاً باعتبار احتمال كون هذه الظلمة ظلمة ليليّة، فهذا التعبير تعبير عرفيّ في المقام، ومنسجم مع ما ذكرناه من الاحتمال.

وبناءً على هذا الاحتمال يكون المورد مورد أصالة الاشتغال واستصحاب عدم دخول الوقت، ويكون الاحتياط على القاعدة، والشبهة تكون موضوعيّة.

الاحتمال الثاني: أن تكون هذه الحمرة عبارة عن الحمرة المغربيّة، فكأنّ السائل يحتمل أنّ صلاة المغرب لابدّ في دخول وقتها من زوال الحمرة المغربيّة، كما يقول بذلك الخطّابيّون. وعلى هذا الاحتمال لابدّ من ردّ الرواية إلى أهلها؛ لأنّها تكون إمضاءً بوجه من الوجوه ـ إمّا بلحاظ الحكم الواقعيّ، أو بلحاظ الحكم الظاهريّ ـ لعمل الخطّابيّين من الانتظار إلى ذهاب الحمرة المغربيّة، وبطلان هذا المطلب من ضروريّات الفقه، وقد جاء في الروايات العديدة والصحيحة سنداً التبرّي واللعن بالنسبة لهم على مثل هذه البدع.