المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

354

الحكم والموضوع المركوزة في ذهن أهل العرف ـ كونه بما هو موضوعاً لوجوبالاحتياط، ويكون منسجماً مع المناسبات الارتكازيّة، فإنّ مناسبات الحكم والموضوع تحكم على الظهورات اللفظيّة، فتقيّد وتوسّع وتعيّن، فمثلاً ينتفي بهذا احتمال أن يكون الضابط والقدر المشترك هو أحكام الصيد أو أحكام الكفّارة.

وبعد الالتفات إلى هذين الأمرين يقال: إنّ الضابط الواجد لكلا الأمرين هو عنوان (الشبهة الحكميّة). فبهذا التقريب يصبح الحديث دالّاً على المدّعى.

ولكنّ الصحيح: عدم تماميّة الاستدلال بالرواية في المقام؛ لأنّ المشار إليه بقوله: «بمثل هذا» إمّا واقعة الصيد، وإمّا واقعة الحكم المسؤول عنه، فإن فرض الثاني ـ وليس احتماله أبعد من الأوّل إن لم يكن أقرب باعتبار تأخّر هذه الواقعة ذكراً عن الواقعة الاُولى ـ فمن الواضح كون الرواية أجنبيّة عمّا نحن فيه، فإنّها عندئذ تكون آمرة بالاحتياط لمن سئل عن حكم ولم يعلم به. ومعنى أمره بالاحتياط هو أمره بما هو مسؤول عنه بالاحتياط ـ أي: نهيه عن القول بغير علم ـ ولا إشكال في حرمة القول بغير علم واشتراط جواز الإفتاء بالعلم.

وإن فرض الأوّل، فالرواية وإن دلّت على وجوب الاحتياط في الشبهة الحكميّة بالتقريب الذي بيّنّاه لكنّها بقرينة قوله: «حتّى تسألوا وتعلموا» تكون ناظرة إلى موارد الشكّ قبل الفحص مع التمكّن من العلم، حيث إنّ ظاهر جعل السؤال والعلم غاية للاحتياط، هو كون المورد مورداً يترقّب فيه حصول العلم، ويكون مورداً قبل السؤال، ولا إشكال في وجوب الاحتياط في الشبهة قبل الفحص.

هذا تمام كلامنا في دلالة روايات الاحتياط. وأكثر ما استدلّ بها على الاحتياط ممّا وقفنا عليه ضعيفة سنداً، وكلّها غير تامّة دلالة، ولعلّ بعض الروايات التي ذكرت في المقام من المضحك الاستدلال بها.