المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

356

قبيل رواية: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» فيكون أخصّ من أخبار الاحتياط الواردة في مطلق الشبهات.

أقول: أمّا الوجه الثالث للأخصّيّة فيبتني على تماميّة دلالة قوله: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» على البراءة، وقد مضى عدم دلالته عليها، ولو فرضنا تماميّة دلالته فمع ذلك لا ينفع في المقام شيئاً؛ إذ كما يكون هذا نصّاً في الشبهة التحريميّة كذلك يوجد في أخبار الاحتياط ما يكون نصّاً في الشبهة التحريميّة لو تمّت دلالته على وجوب الاحتياط من قبيل أخبار التثليث، فإنّ قول: «حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك» لا يمكن حمله على خصوص الشبهات الوجوبيّة مثلاً، بل لابدّ من حمله على الشبهة التحريميّة إمّا بالخصوص، أو هي مع غيرها. وعلى أيّ حال يكون نصّاً في الشبهة التحريميّة ولا يمكن إخراج الشبهة التحريميّة منه بقوله: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي»(1).

وأمّا الوجهان الأوّلان وهما اختصاص البراءة بغير موارد العلم الإجماليّ وما قبل الفحص بخلاف موارد الاحتياط، فإن ادّعينا أنّ دليل البراءة بمدلوله اللفظيّ لا يشمل موارد العلم الإجماليّ وما قبل الفحص، أو بقرينة لبّيّة عقليّة أو ارتكازيّة كالمتّصل، كانت أخبار البراءة أخصّ من هذه الناحية. وأمّا إن قلنا: إنّ موارد العلم



(1) كما أنّه لا يمكن تخصيص حديث التثليث بقوله: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» بدعوى أنّ حديث التثليث يشمل الشبهة الموضوعيّة والحكميّة، وهذا الحديث خاصّ بالحكميّة، فإنّ هذا التخصيص يعني اختصاص وجوب الاحتياط بالشبهة الموضوعيّة، والمفروض أنّ الشبهة الموضوعيّة خرجت أيضاً بمخصّص آخر يكون القدر المتيقّن منه الشبهة الموضوعيّة، كحديث «كلّ شيء فيه حلال وحرام، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» فيلزم التعارض والتباين بين العامّ والمخصّصين.