المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

357

الإجماليّ وما قبل الفحص إنّما هي خارجة بمخصّص منفصل، فلا تكون أخبار البراءة أخصّ إلاّ بناءً على انقلاب النسبة الذي لا نقول به. على أنّه لو قلنا به لم يكن دليل البراءة أخصّ مطلقاً، بل بينهما عموم من وجه، لأخصّيّة أخبار الاحتياط أيضاً من ناحية اُخرى؛ لأنّ دليل الاحتياط لا يشمل موارد الشبهة الموضوعيّة، وذلك إمّا للتخصيص من الخارج أيضاً بناءً على انقلاب النسبة، حيث إنّ هناك نصوصاً صريحة واضحة على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعيّة، ولم يدّعِ أحد من علماء الإسلام قاطبة وجوب الاحتياط فيها، فيكون المخصّص هنا قطعيّاً، أو بدعوى أنّ بعض أدلّة وجوب الاحتياط في نفسها صريحة في خصوص الشبهة الحكميّة من قبيل مقبولة عمر بن حنظلة الواردة في تعارض النصّين وهو شبهة حكميّة، وعليه فلا تتمّ دعوى أخصّيّة دليل البراءة من دليل الاحتياط حتّى في نفسه بدعوى عدم شمول دليل البراءة بمدلوله اللفظيّ لمورد العلم الإجماليّ وما قبل الفحص، أو بواسطة مخصّص لبّيّ كالمتّصل، فإنّ بعض أدلّة الاحتياط أيضاً فرض أخصّ من جانب آخر وهو عدم شموله للشبهة الموضوعيّة، والنسبة بينهما عموم من وجه.

ومن هنا ينقدح إمكان تقريب النسبة بين الأخبار بما يكون في صالح الأخباريّ، وذلك بأن يقال: إنّه قد وجدت في أخبار الاحتياط طائفتان: الطائفة الاُولى: ما يدلّ على الاحتياط في مطلق الشبهة، كقوله: «أخوك دينك، فاحتط لدينك»، والطائفة الثانية: ما يدلّ على الاحتياط في خصوص الشبهة الحكميّة، وهي مقبولة عمر بن حنظلة. والطائفة الاُولى عامّة، والطائفة الثانية خاصّة. وأمّا أخبار البراءة فقد عرفت فيما سبق عدم تماميّة شيء منها عدا حديث الرفع، وعندئذ نقول: إنّنا إمّا أن نفترض أنّ حديث الرفع بمدلوله اللفظيّ أو بمخصّص كالمتّصل يكون خاصّاً ـ أي: أنّه غير شامل لموارد العلم الإجماليّ وما قبل