المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

360

العامّة. والأخباريّون يرون أنّ أخبار الاحتياط تقدّم على أخبار البراءة بمخالفتها للعامّة، حيث يقولون: إنّ العامّة مطبقون على جريان البراءة في الشبهات الحكميّة، وما سنح لي أن أتتبّع صحّة هذه النسبة. وعلى أيّ حال نقول: إنّ هنا مرجّحاً أسبق رتبة من هذا المرجّح وهو موافقة الكتاب، وهي ترجّح أخبار البراءة؛ لما عرفت فيما مضى من أنّ الكتاب يدلّ على البراءة لا الاحتياط. هذا بقطع النظر عمّا سنذكره في الجهة الثانية ـ إن شاء الله تعالى ـ من أنّ المعارضة للكتاب ـ ولو بالعموم من وجه ـ تسقط الخبر عن الحجّيّة في نفسه.

 

نسبة أخبار الاحتياط إلى آيات البراءة:

وأمّا الجهة الثانية: وهي في النسبة بين أخبار الاحتياط وآيات البراءة، فقد مضى أنّه تدلّ من الكتاب على البراءة آيتان:

إحداهما: قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُون﴾. ومضى أنّها مختصّة بالشبهة الحكميّة بعد الفحص بلسان يأبى عن التخصيص بخصوص بعض الشبهات الحكميّة، فتقدّم على أخبار الاحتياط بالأخصّيّة.

والثانية: قوله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا﴾ وقد مضى أنّ نسبتها إلى أخبار الاحتياط هي العموم من وجه، وقد بنينا في حجّيّة خبر الواحد على أنّ كلّ خبر معارض للقرآن بالعموم من وجه يكون ساقطاً عن الحجّيّة بنفسه، وعليه فالدليل القرآنيّ بكلا قسميه مقدّم على أخبار الاحتياط.

 

نسبة أخبار الاحتياط إلى دليل الاستصحاب:

وأمّا الجهة الثالثة: وهي في النسبة بين أخبار الاحتياط ودليل الاستصحاب، فقد ذكر السيّد الاُستاذ: أنّ دليل الاستصحاب يكون حاكماً على أخبار الاحتياط؛